الصفحات

الاثنين، 3 يناير 2011

يا أيها الانسان ما غرك بربك؟!!



بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها الانسان ما غرك بربك؟!!


الحياه بتقلباتها وضنكها وحبورها تجعل الانسان يواجه عدواً يصعب معرفه أساليبه وتكتيكاته على وجه الدقه، فما بين تقلب الحياه وتغيرها يواجه الانسان اعداء كُثُرٌ ينظرون اليه نظرَ الحيوان المفترس لفريسته ، وأجلُ هذه العداوات هي عداوه الشيطان الرجيم كعدو خارجي ، والنفس البشريه الجانحه نحو الترف والراحه والدعه ، والتنقل بين إبتلاءات اقل ما تُوسم به أنها ابتلاء الشر بعد الخير ، والتضيق بعد البسط ، والعناء بعد السَعه.
بين هذه الخصومات اللدوده -التى لا يزول بعضها الا بفناء الانسان - يجد الانسان نفسه بين جهات تعددت أهدفها وبرامجها إختلافا واتفاقاً، والإتفاق الأوحد هو جرُ الإنسان الى مستنقع من هوى فيه فقد فقد كرامته المعطاه من قبل الكريم عز في علاه ، وأقل نتائجها هو فقدان الإنسان لسموه ، وإنحطاطه الى مرتبه هي أقل من مرتبه الحيوان ألا مُدرِك.
إن خصومه الإنسان مع الشيطان الرجيم هي خصومه وعداوه غير متكافئه إذ أن الشيطان وُهب أساليب شتى ينفذ بها الى الإنسان تدميراً وسيطرةً ، فالشيطان على أرجح الاقوال أنه من الجن فهو يجري في الإنسان مجرى الدم ،ويرى الإنسان في حين ان الانسان لا يستطيع ذلك ، ولذلك كان المَخْلَص الوحيد للإنسان أنْ يلجأ الى ما هو أعظم قوه من الإنسان والشيطان ليكون له عونا ويتقوى به لضعفه الواضح. وبنسبٍ متباينه تقل او تكثر عداوه النفس وتقلبات الحياه اعتمادا على الانسان ذاته وطريقه خوضه للمعارك والموازنه بين البدائل فهو يتقدم ويفوز إن حدد أهدافه وأختار طريقا مستقيما لتنفيذها وبالمقابل يخسر ويهلك متذبذبا ان سلك العكس.
لفت انتباهي معنً لطيفٌ أورده العلامه الشعرواي وأنا اغوص-بفضل الله ورحمته- في بحر خواطره التي هي بمثابه تفسير للقران حينما تحدث عن تفسير الايه الكريمه من سوره الانفطار " ياايها الانسان ما غرك بربك الكريم " حيث علق رحمه الله عليه قائلا: أن جواب الاستفهام القائم هو في ذات الايه فكأن الله من رحمته بخلقه يُعلم الانسان كيف يجاوب وماهي الصوره المثلى للجواب التي هي " الكريم".
ولا أجد عاقلا منصفا- أيا كان معتقده – يخالفني الرأي إن قلتُ أن الموازين التي يستخدمها الانسان لوزن الاشياء ، ومعرفه قدرها وأهميتها وتأثيرها ، ينبغي وأن تختلف إختلافا لا حدود له مع الموازين التي تُوزن عند الخالق والسبب المنطقي لذلك هو الفرق بين الخالق القدير والمخلوق الضعيف. ونتيجه لذلك نرى انبهار الانسان حين تسنى له رؤيه الكون الفسيح والعوالم التي كانت غائبه عنه والذي لا يساوي الانسان كمخلوق امامها شئيا من ناحيه التعقيد والتركيب ، هذا ما كُشف عنه فما بالنا بما لا يزال مستترا.
المهم ، إن كرم الكريم لا يستطيع الانسان تخيله وتخيل حدوده وكيفيته لأن عظمه ومقدار الكرم من عظمه الكريم المعطي وبالتالي إمهال الكريم لغرور الانسان والحيد الذي ربما يصدر من الانسان لم ولن يعالج بالرد بعقوبه آنيه قاصمه لظهر الانسان ولوجوده اذ أن العلاقه بين الكريم المالك والمخلوق الضعيف ليست علاقه نديه او تنافسيه فالمخلوق كما يدل عليه تجليات اسمه هو اقرب للحاجه والضعف والمساعده ولم يكن الخالق خالقا الا لانه لا يحتاج الى أحد وهذا هو أحد المعاني الشامله لمعنى إسم العزيز.
إننا على هذا الاساس المتين وفهمنا العميق لهذه الحقائق يمكن وبحق أن نذوق معان حلوه لمعاني الايمان والعلاقه بالله ، فعلاقه الانسان بربه علاقه حب وحاجه وليست علاقه نديه و عداوه فيتجه الانسان المسلم الواعي لحقائق هذه العلاقه الى اجلال خلق الله فلا يتعدى على حقوقهم ايا كانت فيبداء ساعيا لتمكين رساله الانسان في الارض اعمارا وحنانا وتواضعا لخلق الله فلا يقتل اخاه لمخالفته الرأي أو العقيده، و لايسعى لا خذ أموال الناس أنانيه أو حسدا فيقدس حق الاخر ولا يتنازل عن حقه ، بهذا نكون قد خطينا خطوه نحو نبذ فكره الأقصاء والارهاب وإحتقار الاخر سواء كان في إطار الإسلام او تعديا الى أُطر الديانات الأخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق