الصفحات

الأحد، 16 أكتوبر 2011

ثورة الفُقراء : لنُكملَ نصفَها الآخر!!

ثورة الفُقراء : لنُكملَ نصفَها الآخر!!


لستُ هنا بصدد التحدث عن منجزات الثورة المعنوية و قدرتها على جمع أكبر عدد من المصلين في يوم الجُمعة بواسطة إستخدام سحر الكلمة و الأصوات الجهورية ، لكن ما أنا بصدد مناقشته هنا هو الأسباب التي جعلت الثورة الشبابية الشعبية المُباركة ثورةً من نوعٍ آخر و بأسم فريد هو : ثورة النصف ، علَ ذلك يكشفُ عنا الغطاء لنُدرك متعقلين انّ المكابرةَ ليست في صالح أحد مع الإعتذار الكامل لمصطلح (صالح) الذي عبث به القاصي و الداني...


إبتداءً ، شرع النائمون و المستيقظون على عقائد المكيروفونات و المشاريع الغير محدودة بمقاييس الزمن و المكان و الأبعاد الفيزيائية بمحاولاتهم المستميته للسيطرة على المنصات و الساحات و جعلها جبلَ أُحد ليحميَ الثوار بخلفيات النصر و الفتح المُبين و المؤمن القوي خير و أحب الى الله من المؤمن الضيعف ، كانت هذه المحاولات تعبث بغباء في وحدة الصف و في جعل الثورة ثورة شعبٍ يطالب بمطالب مُستحقة و منطقية و كالمعتاد استطاع النظام المتحصن بأخطاء مثل هذه أن يستثمر هذه الأخطاء كأحسن ما يجب...


الثورة بحاجةٍ الى حماية ، هكذا كانت المعزوفة الأنثروبيولجية تستعمر كل أُذن ، تستهوي كل لُب ، و يتخندق خلفها كل من أراد أن يحميَ الثورة بسلاستها و سلميتها ، يا للسخافة!! الثورة بحاجة الى حماية ، و للسخافة أكثر عندما إقتنع الكثيرون بأن جيش الثورة سيكون نصراً لها بل نصراً حاسما لسلميتها ، لكن هذا ما حدث ، و كالمعتاد استطاع النظام المتحصن بأخطاء مثل هذه أن يستثمر هذه الأخطاء كأحسن ما يجب...


تقدمت القوتين خطوات نحو وأد الثورة الشعبية ، بحسنِ نية ، فتراجعت قوة الثورة الشعبية خطوات ، بحسن نية ، كذلك ، و أستثمر النظام ، بسوء نية ، الوضع فعمل على تنقيص نصف قطر الثورة حتى أصبح ضيقا ليكون قطرها الجديد خط متكون من جزئين : الفرقة و حزب الإصلاح الإسلامي ، و كما هو معلومٌ فإن الدعمَ الدُولي يتناسب طردياً مع نصف قطر دائرة الثورة ...


لم نصلْ بعد ، كل هذا كان توطئة لمنح الثورة الشعبية لقب ثورة (النصف) الذي بدوره مهد لتصرفات في غاية الغرابة قلما تحدث في حدث إستثنائي يُسمى ثورة ، التصرفات الغريبة هي الجمع بين العمل السياسي و الثوري بشكل هزيل للغاية ، مفاوضون لا يمثلون أحداً و ثواراً في الساحات لا يُمثلُهم أحدا ، يا لها من دالة بمتغيرٍ واحد هو التناقض !!


هذه الدالة المُتمردة فرزت لنا مجاهيل و سلوكيات دموية تسفك دماً بأغبى صورة و أكثر هزلية مُمكنة ، مسيراتٍ كلما خمدت نارُ الثورة و تقلص حظوظ المفاوضات على الطاولات المستديرة ، قذف بالشباب السلمي الحُر المتطلع للحرية و العيش الرغيد و من ورائهم الفرقة لحمايتهم!! ، الصدور العارية تتقدم و القوات المسلحة ترافق المسيرة التي يوقن الجميع بأنها ستتعرض للقمع بالقوة المُباشرة و تلك هي الدالة الشاذة و المحصله ليس صفراً كما يظن النبهاء في علم الرياضيات بل أشلاءً توزع في الشوارع و الأرصفة و دماءً زكية طاهرة ترسم لوحة مأساوية على الشوارع العامة مفادها : نُساقُ الى الموت و هم ينظرون ...


مسيرات الموت هذه التي تسعى لإثبات بأن علي صالح قاتل و سفاح تكررت أكثر من مرة و راح ضحيتها أنبل و أفضل ما يملك اليمن من شباب و مواطنين يسعون لحياة كريمة لهم و لعيالهم من بعدهم ، و لم تُحقق هذه المسيرات أي شيء سوى خُطبٍ على قنوات إخباريه تبعث الإشمئزاز...


ما ينبغي قوله هنا هو أن الدوال الشاذه لن تصل بالثورة الى منصات التتويج إذ أن هذه الدوال لا تحمل سوى متغيرات التناقض ، على الثورة أنّ تُجدد مسارها فإما حسماً تشترك فيها جميع المحافظات بالتساوي و تصعيداً يُسقط كل الدوائر الحكومية و حينها فلن يكون للجيش أي قدرة أمام طوفان الشعب ، الشعب كل الشعب ، و إما سعياً نحو مصالحة وطنية و حوارٍ وطني يعتمد على المُفاوضات و تقديم التنازلات قدر الإمكان ، لم يعد للخلط بينهما أي مسوغ منطقي عقلاني ، الأعمال التي تدفع بالشباب نحو الموت لن تكون قابلة للتبرير او حتى التصديق إذ أن الدماء تذهب و لا تغير على أرض الواقع يردف هذه الدماء الطاهرة النقية...


سأتفق مع كثيرٍ من القائلين بأن نقاش مثل الأسباب ، التي جعلت من ثورتنا ثورة (النصف) في الوقت الراهن ، ليس في مصلحة الثورة بشرط أن نتجه نحو أخذ قرار تكون إحتمالاته شيئين إثنين : الحسم الثوري على مختلف كل الصعد ، او التفاوضات و تقديم التنازلات ، حتى نحقن ما تبقى من دماء الشباب الصابر المؤمن بقضيته...


لندع الثورة تُكمل نصفها الآخر بأخذ قرارنا و صدقنا مع أنفسنا و وضوحنا في إتخاذ الوسائل المؤدية لإكتمال الثورة المُباركة ما لم فإنها ستظل كالمعلقة كابرَ من كابر و تغاضى من تغاضى...

اللهم هل بلغت اللهم فاشهد!!

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

الأسطورة

الأسطورة !!


شخصياتٌ عاريةٌ في ساحة يملؤها النُساك الصالحون ، فصولٌ عابثة في كتاب يملؤه الجد و العُمق ، كائنات هزلية تقتات على التواجد اللامكاني العدمي المحض ...


كفى لقد أسرفت ، الأمور محصورة بحدودٍ ضيقة كما ترى ، الإندفاع الهجائي قد لا يكون على قدر كافٍ لإبراز الحقائق ، لم أركَ مغتاضاً من قبل بمثل هذه الصورة  ، تابع صديقي نصائحه المنطقية بينما رحتُ أسرح في عالمٍ أخر رُبما لا يُصغي كثيرا لمثل هذه الأشياء  ، أخذتُ مخيلتي و رحلتُ بينما ظل هو في قارب كلماته في بحر بلا أمواج...


طابت لي الكلمات التي رددتُها من ذي قبل فشرعتُ بتلحينها و غنائها : شخصياتٌ عارية في ساحة يملؤها النُساك الصالحون ، فصولٌ عابثة في كتاب يملؤه الحد و العُمق ، كائنات هزلية تقتات على التواجد اللامكاني العدمي المحض ، و زاد صخب صوتي الرخيم غناءً و ترديدا بترانيم غير معهدوه و لكأن مراداتٍ ما تعمدتْ ان أنتشي في ذلك الحيز الزماني من ساحة الزمان المترهلة طولاُ و عرضاً ...


إنسجام موسيقي مُرتب كنفخة الصور تبعثُ من جديد (عدمية ) الفيلسوف الفرنسي (سيوران) ، تتدرج الموسيقى بإيعاز من ( الثلاثي جُبران) بإيماءات أناملهما على أوتار العود لتُعيد ترتيب أوراق الزمن من جديد ، (محمود درويش) يُصر الا أن يكون حاضرا بأزلية الجمال ليكون كمُربِ صوفي يتوسط حضرةَ ذكرٍ أطرافها : الأبدال ، والأقطاب ، والأوتاد ، والعرفاء ، والنجباء ، والنقباء  ، ليتقمص دور الغوث في هذه التوليفة الصوفية المتناهية في مغازلة الأرواح و عوالمها الأنيقة ، في الجهة المُقابلة من مقصورة الزمن المذكور آنفا كان (روديارد كبلنغ) يصدح بترتيل قصيدته الخالدة : إذاً ، إرتفع صوته عندما وصل الى :


إذا عجز الأعداء … والأصدقاء … والمحبون...
عن إثارة حفيظتك … بإيذائهم إياك
إذا استطعت أن تملأ الدقيقة الغاضبة
التي لا تغفر لأحد
بما يعادل ستين ثانية من السعي ركضاً
فلك الأرض وما عليها
و أنت … فوق ذلك كله
ستكون رجلاً … يا بُني


خشعتِ الأصوات ، عمّ الصمت ، سافرت الأبصار الى فيلسوف العصر و كأنها تناجيه أن يوقف هذا الطوفان الغني بالأصدقاء ، الأعداء ، المحبين ، الإثارة ، الدقائق الغاضبة ، المختومه بخطابٍ أبوي رقيق ، فهم الفيلسوف سفر الأبصار ، داهم الصمتَ بمقولته الخالدة : ثمةَ راهبٌ و جزارٌ يتشاجران داخل كل رغبة...


بينما كان (الغوث) في حضم الصمت المُطبق إستثارته حركة ( الثلاثي جُبران) بأخذ آلات سلامهما ، الكاريزما العربية ذات النكهة الأكثر جمالاً و أناقة أخذت زُخرفها و ازينت و في أثناء مراسيم الإستعداد كانت مخيلة ( الغوث) تجول في فضاءات الإبداع لتنتقي خيرات حسان الكلمات و أملحها  ، و من دون سابق إنذار أطلق معزوفته الشهيرة ليجد الناسُ كلهم في بحرٍ شعرٍ عذبٌ ماؤه ...


إنا حملنا الحزن أعواما و ما طلع الصباح

و الحزن نار تخمد الأيام شهوتنا

و توقظها الرياح

و الريح عندك كيف تلجمها

و ما لك من سلاح

إلا لقاء الريح و النيران

في وطن مباح


ما أكثر المواطن المُباحة سيدي ( الغوث) ، إقتحامٌ لمنارات العلم و الثقافة بعقليات أصولية ريدايكالية لا تفقه سوى الهمزات على السطر و النقاط المتنافرة ، أعترفُ أني لن أتوقف عن غنائي بعد أن رَقَبتُ حضرتك عن جُنب ، أنا الآن أكثر إيماناً بما كنتُ أردد ، يا للكارثة!!


إنقضى جزءٌ كبيرٌ من الثورة بكل تفاصيله المُشبعة بكل ألوان الحياة و الموت ، اليأس و الأمل ، التجاذب و التنافر ، تجلى كلُ شيء أمام نورها و كأنها منشور يلدُ من لون الشمس سبعة ألوان مُتباينة كل التباين ، لكن من أغرب ما ولدته تلك الثورة هو لون الشمس ، هكذا يُمكن توصيفه ، رجل بسبع شهوات ، سبع عقليات ، متلون يبرعُ في التلون ، إنه : الأسطورة!!


الأسطورة ، يبدو الأسم غريباً بعض الشيء ، لكن لا بأس فالأشياء من أول وهلة تبدو غريبة ، غير أن هذا النوع من الأسطورات طفرةٌ من نوع شاذ ، أقصد من نوع خاص، أسطورة من ذلك الفصيل المنشوري...


لم يمضِ على تذكري جلسة العظماء تلك سوى دقائق معدودات ، أحسستُ بعض كلمات في جوفي تحاول الخروج الى فضاء الحُرية ، ناشدت أرواحَ كل ذلكم العظماء ، و في اثناء إنتظار إجابة الإستغاثات توجهتْ ، أي الكلمات ،  بزخمها الثوري الذي لا يُصد فولدت نفسها ....


هدير من الحروف ، سيل جرار ، إنتصارٌ للحقيقة في محكمة بلا قاضي تشكلت في نسق عزائفي كانت أحدى مقطوعاته:


  الأسطورة فراغٌ في سديم مُظلم لا يُرى و لا يستطع التعبير عن نفسه بطريقة راقية ، ليت الأساطير تعلم ذلك لتُدرك انها في وهم مُخيف... ترسلت و بعد توقف للزمن تتابعت كالخطى الواثقة التي ملتِ الإنتظار لتقول:

 كلُ  الأساطير تسلي نفسها كذبا
إذ أنها تدعي سماء بأعمدة
لكي لا تهوي،،،

 كل الأساطير تغتصب نفسها
لتبدوَ عفيفة تُجيدُ العفافَ
لكنها تُنجب سفاحا...

كل الأساطير مُغلفةٌ بالتسامح
و الخبثُ بادٍ بين عينها
تقيم علاقاتٍ لتنشر المكر
لكنها مغلولة بمكرها


ستثبتُ الأيام أن الأساطير ما آمنتْ يوماُ بثورة ، تحوم حول فريستها لتوقعها بإسم الثورة ، إن قل الأمر أو كثر فأقل ما تخرج بها الأساطير هو إمراءة بمثابة غنيمةٍ إن صلحتْ فالثوراتُ تُجمع شمل الأشتات ، و إنْ فسدت فما كانت سوى محاولة...


بإنتظار التوكيل أن يصل ، قد تكون الدقائق و الثواني إبتهالات ما بين الثورتين ، و للثورات إبتهالاتٌ أسطوريةٌ ماكرةٌ أحيانا ، و بهتانيةٌ في أحاين كثيرة...

السبت، 10 سبتمبر 2011

الى مدونتي في عيد ميلادها الأول : أحبُك جدا يا أنا بلغة الحروف!!

الى مدونتي في عيد ميلادها الأول :


أحبُك جدا يا أنا بلغة الحروف!!


يومٌ إستثنائي تتراقص فيه حروفي طربا و فرحا و إبتهاجا ، هو يوم عيد ميلادها الأول ، يوم قررتُ أن أهبَ لها حُريتها و أن تنطلق كالحمام البيضاء ترفرف في سماء الفكر و التلاقح الإبداعي المتسامح ... طربٌ و فرحٌ و إبتهاجٌ و غناءٌ يليق بهذا اليوم و بالفكرة الأم ، فكرة التشارك لأجل الآخرين...


"الإنسان تراكمٌ ثقافيٌ وخليطٌ من مشاركة الأفكار وتفاعلها وتلاقحها... قد ترتقي أفكارُنا - يوما ما- لتُكَوِن إنسانا يعي معنى االحياة ، معنى الحُب والتسامح ، معنى العيش من أجل الآخر... هي رسالة أحرُفها من نور لتجعل المجتمع نورا على نور ، تحت كنف الرحمان الرحيم الودود" ، هكذا هو مكتوب في الصفحة العليا من المدونة لتُمثل فاتحةً لكل التراتيل المندثرة على صفحاتها : سياسة و أدبا و نثرا و شعرا و فواصل مختلفة..


الإنسان إبداع رباني يتجسم بأشياء كُثر ، بخلقه و خُلقه و حتى في حروفه ، بيد أني تجسدتُ تجسدا حقيقيا في تلك الحروف المُعبرة عن عالم مخفي في هذا الجسد النحيل ، حروفٌ كانت أعظم من دلالات الحروف ، كانت تأخذني لأتحول بفعل قوانين الإنحلال الفلسفي لنورانية الكلمات فأجدني قد أخذت شكل حرف فكلمة فجملة فمقالا ، كنت أنا هناك حيث كانت كتاباتي تحاول أن تبتسم كما تعودتْ ، تحاول أن تتسامح كما تعودت ، تحاول أن تنشر الخير للجميع كما دأبت عليه...


وفاءً لتلك الأحرف لن أُطيل أكثر لأدعها تتوغل في فرحها  و غنائها ، فهو يوم مشهود بالنسبة لها على أن التقي بها غدا لنكمل الرحلة بخطة جديدة   و بأساليب جديدة و أفكار جُدد...

عيد ميلاد سعيد وكل عام و أنتِ تقتربين أكثر من حلمك و من تأدية رسالتك في الحياة...

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

استريحوا كي لا تضيع البقية

استريحوا كي لا تضيع البقية!!

عبدالرحمن العسلي

ما من شك بأن تسابق الزمن مع عجلته بات أشبه بأساطير هزيلة لا ترتقي أن تُسجل في مُجلدات الواقع و التعامل المنطقي مع القضايا ، ذلك و بعد تسعة أشهر من عُمُر الثورة المُباركة بات المشهد السياسي ينتعل حذاءً من عهنٍ منفوش و أصبح الوطن – تبعا لذلك- بقيةً يجب أن نحافظ عليها...


في المشهد الحالي تتكرر تراجيديا "العناد" لكن هذه المرة بين فريقين ندين ، ليس هناك طرف –هذه المرة- سيفاوض  على تمديد زمني حتى يُنجز مهمته كما فعل إبليس بقوله " أنظرني" ، بل خصمان سَخًّرا كلَ شيء جميل ، كل شيء حي وقودا لعنادهما الطاحن الذي أُوقد عليه بوعود بصبغة قبلية تؤمن أن الكلمة أمرٌ إلهي صارمٌ كــ قول " كن" وليس هناك مجالٌ للتراجع...


أحمد علي عبدالله صالح و شيعته ، علي مُحسن الأحمر و مُريديه ، يبدون اليوم على أتم الإستعداد لتقديم ما هو ممكن للإنتصار للنفس و للهروب من عيب القبيلة المُخزي ، عيبُ الهزيمة الذي لا يؤمن بلغة الأرقام و فقه الواقع ، و كلا الفريقين يجذب أنصاره بطريقة تقليدية تبعث الحيرة و الإشمئزاز في أوقات كثيرة...


الى الفريقين بالتساوي : استريحوا كي لا تضيع البقية... لازال هناك أملٌ و أملٌ مُتفائلٌ ببناء هذا البلد المُنهك بعنادكم و إختلافكم وعقلياتكم التقليدية المحكومة بخلفيات الغالب و المغلوب ، لازال هناك أملٌ أن تتكامل كلُ ألوان الجمال في اليمن فتبدو كقوس قزح و تكفر باللون الأحمر القاتم ، لون الموت الزُعاف ، لازال هناك بقية من أمل بأن ينهض هذا البلد و يُعيد ترتيب أوراقة لمصلحة الفُقراء البسطاء...


استريحوا كي لا تضيع البقية فالبلد مُنهك بكل الحروب التي خيضت بإسم الدفاع عن كل شيء ، البلد مُحتاجة الى أن تأخذ قيلولة لتستجمع قواها و تُعيد بالتفكير جديا بهذا الإنسان الكنز ، تُعيد التفكير بالفقراء الذي يحلمون بوطن يحفظ كرامتهم ، يضمن مُستقبلا جميلا لأولادهم ، البلد بحاجة أن يمشي سويا على صراط مستقيم فينظر كيف تتسابق الأمم في الفضاء الفسيح ، فضاء العلم و التكنولوجيا ، فضاء النظريات النسبية و النانوتكنولوجي ، البلد بحاجة أن تكفر بكل هذا العبث الشيطاني المُمارس عليه من بيت آل الأحمر و الوشم الأحمر و اللحى الحمراء...


و إنصافا ، آن للقوى السياسية أن يُعيدوا رسم خارطة خططهم بغير أدوات العناد ، اليمن بحاجة الى كل فكرةِ خيرٍ حتى يتعافى من آلامه ، اليمن بحاجة الى كُلِ خطاب يدعو الى التسامح و حُب الوطن ، اليمن بحاجة أن توجه كل قنواتنا الإعلامية بكل أطيافها الى غرس القيم الإنسانية النبيلة و الكف عن التحريض و الإنتصار للذات ، الإبداع الأجتماعي في الكون كُله أختصر في الآتي " و اتقوا فتنة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" ، الدمار سيحل على الجميع إن أراد ان يقدم ضيفا غير أنيق ، لن ينجو منه أحد ولو كان يألف ترديد الأوراد بعد كل صلاة ، وما جارتنا الصومال عنا ببعيد...


أسرفنا الكثير في صقل سيوف ومعاول الهدم بحجة او بدون حُجة والآن علينا أن نستفيق ، لازال هناك بقية من وقت حتى نُعيد ترتيب أولياتنا الوطنية العليا ، لازال هناك بقية من الوقت لأن نُجاوب ، مجتمعين ، على الأسئلة التالية : من نحن ، ماذا نُريد ، كيف نصل؟ ، لابد و أن نُغلب خطاب الجمع على الفرد ، فالوطن مجموعة أفراد لأجل الجميع ، هناك فرصة و قد تكون الأخيرة ، و بعدها سنغض أنامل الندم حين لا يغني شيئا...


لأجل الشُهداء ، لأجل الفُقراء ، لأجل البُسطاء ، أتقدم اليكم بكل أرقى معاني الخطاب الإنساني ، أتقدم اليكم بكل عظمة التسامح الإسلامي الحنيف ، أتقدم اليكم و أناشد فيكم إنسانية مدفونة ، ولا أجد غير تراتيل إبراهيم طوقان : في أيدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية ، البقية تعني لشعبنا الكثير إن كانت لا تعني لكم شيئا ، خذوا دقائق معدودة و اغمضوا أعينكم و تخيلوا اليمن مُتقدما و متحضرا و لا معاناة لفقير فيه ، صدقوني ستشعرون بشعور ألذ من شعور الفوز بعد عناد ، شعور أسعد من إصدار الأوامر بالإجتياح و القصف و تعليم الناس الإحترام ، هو شعور أُقسم أنكم ستعيشانه لأول مرة في حياتكم ، فلا تخسروا حتى لذه المُحاولة!!


اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد!!

السبت، 3 سبتمبر 2011

يا شباب الثورة: الثورة تُغتال من ثلاث عصابات!!

يا شباب الثورة: الثورة تُغتال من ثلاث عصابات!!


بإنتظار مُفاجأة محمد قحطان الناطق الناري باسم اللقاء المُشترك ، يتراءى المشهد الثوري وكأنه في اللحظة الأخيرة من إتماما تجهيز دروع بشرية سيستخدمها اللواء علي مُحسن الأحمر بن الأحمر لفرض قناعاته وأجندته العسكرية التي تكونت على نار هادئة من العناد والتحدي بين أقطاب القوة ذوي العقليات القبيلية الرديكالية ، تلك العقلية التي تؤمن بالدوال التالية: حافي القدمين ، لن يحكم اليمن ونحن احياء ومن الجانب الآخر : علي محسن لا يستطيع الخروج من غرفته  ،  هو مُجرد ضابط عندي ...

اليوم شباب الثورة وخصوصا الحزبيين منهم أشبه بكبشٍ غيرِ عظيم يستخدمه الجنرال علي مُحسن للضغط على أحمر العيون من الفريق المُقابل تزامنا مع إنطلاق الناطق الرسمي ليُردد كالذي يتخبطه الشيطان من المس ، زحف الى المخادع ، مُفاجأت سترونها ، والرصاص المطاطي الذي سيرتد الى صدور طالقيه ... و اللهم لا شماته...

الجُملة الإستئنافية السهلة التركيب تقول إما أن نعترف -بصدق ثوري- أن الثورة سلمية أو عسكرية وعليه فإن لكل إعتراف صادق أدوات تحقيقه وسُبل للوصول الى الغاية ، فإذا كانت سلمية فلا معنى لوجود جيش يحمي الثورة كما هو مزعوم الآن لأن الثورة السلمية لا تتجه و لا تؤمن بالعنف أصلا بل لا تُبرره ، وإذا كانت عسكرية فلا داعي لكل هولاء المعتصمين في الساحات والذين أعاقوا أي حل يوصل البلد الى حالة الإستقرار ، أما ان تكون ثورة خلطت عملا صالحا وأخرا أحمرا فهذا هو التدليس والتضليل والفساد العريض...

تلك الجُملة الإستئنافية اليسيره تقودنا الى تسأؤل آخر وهو ما هو موقف الثورة من الحروب التي تدور على أرض أرحب وبعض مناطق محافظة تعز؟ ، إن كان هولاء يُضربون بسبب الثورة فلمَ تم السكوت عن عضو يُبتر ويُستأصل من جسد الثورة المترابط والمتراص البنيان؟!! ، و إن كانوا لا يضربون بسبب الثورة فما هي دواعي الحرب إذاً ؟!! ، إن الإجابة عن هذين السؤالين يختصر علينا مسافات ضوئية من فهم القضية ومن الدفاع المُقدس عن الثورة السلمية بعد تدخل هولاء المُفلسين تأريخيا وسلميا على حدٍ سواء...

و لِتوصيف ما يجري بِدقة ، تكونت عصبويات متناثرة  كلُ عصبة تدافع عن المصالح الشيطانية للأجندات المتنازٍعة لنهش جسد الوطن الطري ، فوجدت عصابات "الفيروسات" الثورية ، عصابات " المملسون" الثوريون ، عصابات "المريدين" للقيادات البلاستيكية ، ولعرض كل هذه العصابات سنحتاج لتناول كل عصابة على حدة كالتالي:

عصابات الفيروسات الثورية:

الفيروسات الثورية هي عبارة عن الأقلام الصحفية التي كانت تناصر النظام ولو سكوتا إبتغاء مصلحة و غالبا ما كانت مصلحة مالية ، خاضوا جُزءا كبيرا من معارك الدفاع عن النظام السابق بل وتزينه وتزيين مُلحقاته بشتي الطرق ، وأشهر هذه الفيروسات الفيروسات الصحفية -التي أصبحت فيروسات ثورية فيما بعد- خارج الوطن الذين كانوا يُزينون لمسؤلي النظام أعمالهم كشياطين شطنت فأصبحت قطعة نار ملتهبة لا ترى لها رأسأ ولا ذيلا...

خطر هذه العصابة يتمثل في خبرتها الموسوعية في التزيين والتخفي كالحرباء ، إنتقلوا نقلةً نوعية في دقائق معدودات من النظام الى الثورة فأصبحوا ناطقين رسميين و منظمي فعاليات و زعماء شباب تغيير و مالكي صكوك ثورية وتراهم بالغدو والعشي يسألون من شآوا سؤالهم المشهور : " هل انت ثوري والا عادك؟" كتلك اللعبة التي كان يهوها الأطفال في زمن غير بعيد ، لعبة "الغُماية" كما يحلو لذلك الجيل تسميتها....

عصابات المملسون الثوريون:

المُملسون الثوريون هم من حملوا على عاتقهم تلميع القيادات الفاسدة المنظمة للثورة كعلي مُحسن و شيوخ القبائل كعيال الأحمر وبعض أقرانهم ، شنوا ثورة مُضادة لتلميعهم بطريقة التلميس الناعمة ، ومن آيات تلميسهم المُقدسة التي اشتهرت " هم بيوت الثورة من عام 1948 الى 2011" ، " لتُجعل بيوتهم مزارات بعد سقوط النظام" ، "هولاء من نصر الثورة " ، " هم الأنصار الغير صحابيون لهذا القرن" ، وغيرها من الجُمل الإعتراضية المُتطفلة على لُغتنا العربية وعلى ثورة الصدق والصراحة ، ثورة الفُقراء والبسطاء والمساكين...

وللإنصاف كان تلميعهم ذلك بطريقة التمليس هادءا تارة و مُقززا تارات كثيرة ، ومن اهم منجزات هذه العصابة المُنظمة أنهم عملوا على صرف براءات إختراع لمن يصفونهم بأنهم ثوريون نُضج أي من يدافع عن كل مُنتجات هذه الفرق المنظمة للثورة ، فمن دافع عن المجلس الوطني فهو ثوري بحت ، ومن لم يرضَ به فهو مارق عن الثورة وأهدفها ، و مَنْ مَلَسَ لفاسدٍ فهو في التبرير أشد مكرا وتمليسا...

عصابات المريدين:

هذه الفئة هي من مُريدي الأحزاب يُصفقون لا يدرون لمَ ، يتعصبون لقرارات وتصريحات قادة الأحزاب البلاستيكيين خوفا وطمعا وخيفة ، لا هدف لهم و غاية سوى أن يُقال عنهم هولاء أتباع منظبطون تنظيميا ، يُجيدون التصفيق والهُتاف من غير سبب و بلا سبب و بإشارة كإشارات السِرك الخاطفة ، يتخذون قاداتهم آلهة ولا يشعرون ، جُلَّ ما يُدركونه هو إعلان التأييد و عمل ضجه وشوشرة في حالة إصدار بيان او تصريح ...

ما اتفقت عليه كلُ العصابات الغبية هو نصر الجنرال والشيخ والقائد البلاستيكي و نسوا هموم البُسطاء وتطلعهم ليمن جديد ، يمن يؤمن بالتعدديه والشراكة و حاجة الكل للكل ، اتفقوا حول هولاء الذين لم يُقدموا شيئا لليمن بل كانوا شُركاء لعلي عبدالله صالح في فسادة وتدميره للبلاد ونسوا ان يُساندوا من يمتلكون روؤى جديدة و تطلعات وطنية تسعى لإعادة اليمن الى دوره الحضاري و العالمي العريق...


الاثنين، 15 أغسطس 2011

الثورةُ : لتُقرأ على الناس على مُكْث!!

الثورةُ : لتُقرأ على الناس على مُكْث!!

عبدالرحمن العسلي

أصبحت معاناة شبه يومية أن تُحاور أحدا من مناصري النظام السابق وخاصة أبناء المسؤولين منهم إذْ أن المهمة الصعبه هي توصيل فكرة بسيطة للغاية وهي أن : الثورة تغيير في نمط تفكير الناس. تدرجات هذه المهمة تتنقل ما بين أساليب متقدمة للإقناع ، إنتقاء ألفاظ خاصة وذات معاني مُبسطة ، كر و فر ، استشهاد بحقائق و سرد قصص من النوع القصير ، محاولات عنيده لكن في نهاية المطاف تبوء كل هذه المُحاولات ذات المجهود المبذول بالفشل الغير مُبرر...

بالمناسبة حاولت إختراع طريقة جديده في الإقناع لكن اليأس الإيجابي سيطر على كل خواطري المحاولاتيه ، و بقي أن نقتنع أن الثورة لا بُد وأن تُقرأ على الناس على مُكث ، بمعنى لا بد من المحاولات ثم أخذ الوقت لترسيخ الفكرة ، فالمحاولة فترسيخ الفكرة ، وبهذه الآلية ستُخلق ثقافة ثورية تقضي بأن الثورة أخلاق قبل أن تكون تغيير في نظام حكم فاشل ، ولعلي أجد نفسي مضطرا أن أقول أن الثورة مجموعة من الإحتياجات الإنسانية في كل الجوانب لا سيما الجانب الإجتماعي..

الثورة عندما تُقرأ على مُكث فإن ذلك يعني تبيين المُنطلقات الأخلاقية للثورة ، فالثورة هي إعادة قيمة الإنسان للإنسان بعد أن تعرض على طول فترة حكم النظام السابق بسبب عوامل التعريه الى إفلاس في مستويات عده ، وبالتالي فإن تذكير المواطنين بحقوقهم الأساسية هو الدافع الأخلاقي والإنساني للثورة ، فمن الخطأ تماما أن إعتبار الثورة مسرح يلجُ اليه الفاسدون و الفاشلون ليمهدوا مرحلة جديده من الفساد والفشل ، لكن من الصواب تماما القول بأن الثورة ضد الظلم ، وضد تسلط اي احد على عباد الله أيا كان بغض النظر عن إنتمائه الثوري او الشرعي...

الثورة جاءت للناس كلهم ، ببساطة لأنها مرتبطة بوطن ، وببساطة أكبر لأنها تنشد التغيير للأفضل ، وعليه فإن التقسيم السائد بالثوار ومناوئيهم تقسيم قاصر قد يجعل من الثورة خاصة بأناس محدودين ومن هنا ينشأ التقسيم حسب الإنتماء وهذا الذي ما فتئنا نُعاني منه ، فالثورة ليست حزبا حتى يُنتمى له ، الثورة مجموعة من القيم الإنسانية  والأخلاقية تسعى لإحلال العدل والمُساواة و إحترام الإنسان لإنسانيته...

الثورة جاءت لتدعم النقاش المنطقي في حل القضايا ، فلا عاطفة تطغى على العقل ، ولا تعصب يطغى على توازن المجتمع ، فالحلول المنطقية و تمكين ذوي القدرة والعلم للوصول الى الحل الأكثر فعالية والأقل جُهد ، الثورة جاءت لتدعم إبداع المُبدعين ولتُعطي كل ذي فضل فضله بعيدا عن الإعتبارات الأخرى مادمنا في وطن واحد ونحتكم الى قانون واحد ، إن ذلك يعني أن نتجمع حول ما نتفق عليه و نحل إختلافنا بطريقة عادلة تضمن الإنصاف للجميع لمصلحة الكل أي لمصلحة الوطن.

الثورة أصل والمنتمون اليها فرع ومن الغبن الحكم على الأصل بأخطاء وسلوكيات الفروع ، لو أن الأمور تُحسب بعقليات المُمارسات الفرعية و انقراض الأصل لما دامت فكرة سواء كانت صالحه ام فاسده على هذه الأرض ولما تطورت الأفكار الإيجابية حتى أصبحت أديانا تُتبع وفلسفات تُبين للناس الكثير ،  والأوجب هو إرجاع الأصل للأصل ومن ثم الحُكم عليه ، ممارسات التابعين تعبر عن فهم هولاء لأدبيات الأصل وعليه إنْ كانت هذه المُمارسات خاطئة فحينها يُشك في فهم هولاء التابعين لا بمنطقية و حقيقة الأصل .

أنا ثوري تعني أن أحفظ لك حقك في انتقادي في تقويم مساري لصالح الفكرة النبيلة ، تعني أنا وأنت معولا بناء لنبني دواعم هذا الوطن الذي يضمني ويضمك ، تعني حتمية الإتفاق حول القضايا المصيرية لهذا الوطن لأن الوطن انا وأنت و اهتمامتك تؤثر على اهتماماتي بالضرورة ، انا ثوري تعني اني أخذت على عاتقي السعي في الشروع بتوفير حلول لقضايا الوطن وعليه فإن مسؤولياتنا تقضي أن نتعاون جميعا لتطبيقها بطريقة لا تضر أحدا و تظلم أحدا...

الثورية لا تعني بأي حال من الأحوال أخذ الصكوك الوطنية لتوزيعها على الناس بل هي أمانة المُبادرة و الإلتزام بتطبيق الخطوات الإيجابية لبناء الوطن مع الوعي الكامل بإحتياجاته الأساسية و فقه التعامل معها بمنطقية متناهية بدون تعصب او انتقام او حب ظهور...

هناك من الحقائق الكثير ونحتاج أن نقرأها على الناس على مُكْث وبرحمة وحكمة ، نحن بحاجة الى الرحمة والحكمة أكثر من أي وقت مضى ، الرحمة والتسامح هما السبيلان الحقيقيان لتحقيق اهداف الثورة النبيلة وبغيرهما نكون قد أملنا سرابا و اتخذنا من دون الثورة وجهات ضلال لنوليَ شطرها ، والخلاصة هي الثورة لبناء الوطن ومتى ما كانت التنازلات واجبة لبناء الوطن فثم هي الثورة بل عُمقها الأخلاقي والإنساني...




الأحد، 7 أغسطس 2011

الثورة المُقدسة!!


الثورة المُقدسة!!


على بُعد خطوات من المنصة ، اعني المنصة المُقدسه ، حيثُ الأنوار تتجمع لتُخبر الرب بما يحدث في أزقة الأرض وشوارعها الضيقة ، كان المساء ذلك اليوم جميلا ، إذ بدت الثورات تُرسل أخبارها كهديا ممشوقة الألوان ، أحاول أن أتذكر تلك الألوان التي هي بالتأكيد ليست كألواننا المألوفه ، غير أني ما أستطيع تذكره هو جمالها و روعةِ إنعكاسها على بعضها البعض...


دمعة فقير بسيط ، و قهر خريج متفوق ، و قطرات دماء الدكتور المسفوكه في مكان ما في احدى مستشفيات مدينة سام ، و آهات خباز (طاوة) ، و معاناة دكتور أكاديمي ، عجز أمٍ ضُرب ولدُها في الحارة لتجمع الصغار والكبار عليه ، و حسرة أم على ولدها المطعون منذ وقت قريب بالجنبية بجانب المطعم الواقع في الركن الشمالي من الحارة ، عامل النظافة المدهوس قبل ساعات بسيارة الشيخ ومرافقيه ، وجع طالب الثانوية ذي المتر والثمانين سنتيمترا الذي لم يُقبل في كلية الشرطه رغمه نجاحه في كل الإختبارات ، الأول على الدفعة في كلية الصيدلة الذي صودر حقه في التعيين كمعيد ،،


ملفات مؤرشفة كانت في الدرج التاسع عشر من الأسفل في مكتبة المظالم ، كانت هذه الملفات مرقومة و من مظهرها تبدو وكأنها شيء خاص ، شيء ليس بسيط ، و الملاحظ عليها انها لم تكن صفحاتها جديده بل كانت شبه جديده توحي بأنها تُراجع دوريا ، على الصفحة الأولى آثار عطر ماء الورد ، تتراءى آثارُه و حين فتح الملفات تنفح رائحة ليس بالإمكان وصفها الآن ، كانت كل الملفات المؤرشفة في تلك الجهة منظمه ومرتبه و نظيفة للغاية ..


لوحة مكتوبٌ فيها بحروف اللغة العربية :" وكلُ شيء أحصيناه في إمامٍ مُبين" ، كانت اللوحة هذه تُضيئ المكان ، تلمع لتُضفي نورا على كل الملفات تلك ، لا أستطيع التأكيد او النفي ، لكن هناك علاقة لا تُدرك بين اللوحة الجميلة والملفات ، أقل ما تُفسر هذه العلاقة بأنها علاقة توسية و إعلان موقف تأييد وتحفيز ، تذكرت في ذلك المُقام إبتسامة أمي عندما كنتُ اشعر بالحُزن وأبكي عندما لا أستطيع حل مسألة رياضية او فيزيائية...


فاصل كنفوشيوسي ، إذا كان الشخص لا يعرف ما هو بعيد فسيجد الحُزن في متناول يده ، انتهى الفاصل ، وبدأ التفكر في كلام هذا الحكيم ، كيف جاء الحُزن الى أعماقنا بمجرد سردنا لهذه الملفات المؤرشفة دون أن نُفكر في البعيد ، عفوا سيدي كنفوشيوس لستُ معك في  هذه ، فالحزن أوجب نفسَه حتى صار ينتحب في ساحة هولاء المظلومين ، صار يداعب الدمعات وهو يقف ذليلا في مقام المظلومين البسطاء..


لا أجد مفرا من الحُزن على كل هولاء الذين يُعانون ، دعوني للحظات أنفرد وذاتي لأبكي و أتذكر معانات هولاء البُسطاء ، تتراءى لي صور أقاربي ، أسرتي ، يا الله ما هذا !!، تأتيني صورة والدي المُبدع ، صور تتلوها صور ، وجوه لأول مرة أراها ، وما يجمعُهم كلُهم هو أنهم مظلومون، وتسلط اناسٍ فاشلين ليسوسوهم بعقلية القبيلي والعسكري والإنتهازي..


نعم قد حان الوقت ، لنذهب نحن وكنفوشيوس و الفقراء ، نمضي قوافل تتلوها قوافل ، مرتصين الصفوف كالبنيان الواحد ، لنقف في صف الثورة ، ولنؤد التحية المُقدسة للثورة المُقدسة ، إنها تحية الدفاع عن المظلومين ورفع الظلم عنهم ، نعم ندرك كما يُدرك الجميع بأنه لابد من عقبات ستتخلل ثورتنا لكن لا مناص من نجاحها ومن وصولها الى هدفها النبيل ، سيطول الوقت وسيقصر ، وستتبدل موازين القوى و تتحول ، ستُخلق أشياء جديده وستأطرأ أشياءٌ أخريات ، لكن في نهاية المطاف ستنتصر الثورة لكل المعاناة وستبدأ بفتح كُل تلك الملفات المؤرشفة ، ملفاتِ المظلومين من البسطاء من الناس...


يا ثورتي المُقدسة زيدي تزيُنا وتعتقا ، فما أراك سوى نجمة في كبد السماء عزيزة لا تؤتين بأيام معدودات ، خذي وقتك لتكوني كنور البدر في قلب الشهر ، كوني كما تُريدين وخذي من وقتك ما تشائين ، فلن نُعدم الصبر لإيماننا بك ، ولن نجزع لأننا نستمد قوتنا منك ومن مُعاناتنا اللامُبرره ، انا قومٌ صُبُرٌ لكنا هيمامنا بك وشوقنا اليك يجعلنا ان نطلب الوصل و نحاول أن نخترع آلة الزمن لكي نطوي الوقت حتى نقوى على الإنتظار..


لرمضان هيبته وللكلمات هيبتها في رحاب الثورة إذ تجتمع هيبة الوقت وهيبة الحدث وهيبة الكلمات لتجعل من الحديث عن الثورة تبتلا وأجر الحرف كأجر الدفاع عن المظلوم و إنقاذ الملهوف ، و إحقاق رسالة الله في الأرض ، ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات...