الصفحات

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

استريحوا كي لا تضيع البقية

استريحوا كي لا تضيع البقية!!

عبدالرحمن العسلي

ما من شك بأن تسابق الزمن مع عجلته بات أشبه بأساطير هزيلة لا ترتقي أن تُسجل في مُجلدات الواقع و التعامل المنطقي مع القضايا ، ذلك و بعد تسعة أشهر من عُمُر الثورة المُباركة بات المشهد السياسي ينتعل حذاءً من عهنٍ منفوش و أصبح الوطن – تبعا لذلك- بقيةً يجب أن نحافظ عليها...


في المشهد الحالي تتكرر تراجيديا "العناد" لكن هذه المرة بين فريقين ندين ، ليس هناك طرف –هذه المرة- سيفاوض  على تمديد زمني حتى يُنجز مهمته كما فعل إبليس بقوله " أنظرني" ، بل خصمان سَخًّرا كلَ شيء جميل ، كل شيء حي وقودا لعنادهما الطاحن الذي أُوقد عليه بوعود بصبغة قبلية تؤمن أن الكلمة أمرٌ إلهي صارمٌ كــ قول " كن" وليس هناك مجالٌ للتراجع...


أحمد علي عبدالله صالح و شيعته ، علي مُحسن الأحمر و مُريديه ، يبدون اليوم على أتم الإستعداد لتقديم ما هو ممكن للإنتصار للنفس و للهروب من عيب القبيلة المُخزي ، عيبُ الهزيمة الذي لا يؤمن بلغة الأرقام و فقه الواقع ، و كلا الفريقين يجذب أنصاره بطريقة تقليدية تبعث الحيرة و الإشمئزاز في أوقات كثيرة...


الى الفريقين بالتساوي : استريحوا كي لا تضيع البقية... لازال هناك أملٌ و أملٌ مُتفائلٌ ببناء هذا البلد المُنهك بعنادكم و إختلافكم وعقلياتكم التقليدية المحكومة بخلفيات الغالب و المغلوب ، لازال هناك أملٌ أن تتكامل كلُ ألوان الجمال في اليمن فتبدو كقوس قزح و تكفر باللون الأحمر القاتم ، لون الموت الزُعاف ، لازال هناك بقية من أمل بأن ينهض هذا البلد و يُعيد ترتيب أوراقة لمصلحة الفُقراء البسطاء...


استريحوا كي لا تضيع البقية فالبلد مُنهك بكل الحروب التي خيضت بإسم الدفاع عن كل شيء ، البلد مُحتاجة الى أن تأخذ قيلولة لتستجمع قواها و تُعيد بالتفكير جديا بهذا الإنسان الكنز ، تُعيد التفكير بالفقراء الذي يحلمون بوطن يحفظ كرامتهم ، يضمن مُستقبلا جميلا لأولادهم ، البلد بحاجة أن يمشي سويا على صراط مستقيم فينظر كيف تتسابق الأمم في الفضاء الفسيح ، فضاء العلم و التكنولوجيا ، فضاء النظريات النسبية و النانوتكنولوجي ، البلد بحاجة أن تكفر بكل هذا العبث الشيطاني المُمارس عليه من بيت آل الأحمر و الوشم الأحمر و اللحى الحمراء...


و إنصافا ، آن للقوى السياسية أن يُعيدوا رسم خارطة خططهم بغير أدوات العناد ، اليمن بحاجة الى كل فكرةِ خيرٍ حتى يتعافى من آلامه ، اليمن بحاجة الى كُلِ خطاب يدعو الى التسامح و حُب الوطن ، اليمن بحاجة أن توجه كل قنواتنا الإعلامية بكل أطيافها الى غرس القيم الإنسانية النبيلة و الكف عن التحريض و الإنتصار للذات ، الإبداع الأجتماعي في الكون كُله أختصر في الآتي " و اتقوا فتنة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" ، الدمار سيحل على الجميع إن أراد ان يقدم ضيفا غير أنيق ، لن ينجو منه أحد ولو كان يألف ترديد الأوراد بعد كل صلاة ، وما جارتنا الصومال عنا ببعيد...


أسرفنا الكثير في صقل سيوف ومعاول الهدم بحجة او بدون حُجة والآن علينا أن نستفيق ، لازال هناك بقية من وقت حتى نُعيد ترتيب أولياتنا الوطنية العليا ، لازال هناك بقية من الوقت لأن نُجاوب ، مجتمعين ، على الأسئلة التالية : من نحن ، ماذا نُريد ، كيف نصل؟ ، لابد و أن نُغلب خطاب الجمع على الفرد ، فالوطن مجموعة أفراد لأجل الجميع ، هناك فرصة و قد تكون الأخيرة ، و بعدها سنغض أنامل الندم حين لا يغني شيئا...


لأجل الشُهداء ، لأجل الفُقراء ، لأجل البُسطاء ، أتقدم اليكم بكل أرقى معاني الخطاب الإنساني ، أتقدم اليكم بكل عظمة التسامح الإسلامي الحنيف ، أتقدم اليكم و أناشد فيكم إنسانية مدفونة ، ولا أجد غير تراتيل إبراهيم طوقان : في أيدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية ، البقية تعني لشعبنا الكثير إن كانت لا تعني لكم شيئا ، خذوا دقائق معدودة و اغمضوا أعينكم و تخيلوا اليمن مُتقدما و متحضرا و لا معاناة لفقير فيه ، صدقوني ستشعرون بشعور ألذ من شعور الفوز بعد عناد ، شعور أسعد من إصدار الأوامر بالإجتياح و القصف و تعليم الناس الإحترام ، هو شعور أُقسم أنكم ستعيشانه لأول مرة في حياتكم ، فلا تخسروا حتى لذه المُحاولة!!


اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق