استريحوا كي لا تضيع البقية!!
عبدالرحمن العسلي
ما من شك بأن تسابق الزمن مع عجلته بات أشبه بأساطير هزيلة لا ترتقي أن تُسجل في مُجلدات الواقع و التعامل المنطقي مع القضايا ، ذلك و بعد تسعة أشهر من عُمُر الثورة المُباركة بات المشهد السياسي ينتعل حذاءً من عهنٍ منفوش و أصبح الوطن – تبعا لذلك- بقيةً يجب أن نحافظ عليها...
في المشهد الحالي تتكرر تراجيديا "العناد" لكن هذه المرة بين فريقين ندين ، ليس هناك طرف –هذه المرة- سيفاوض على تمديد زمني حتى يُنجز مهمته كما فعل إبليس بقوله " أنظرني" ، بل خصمان سَخًّرا كلَ شيء جميل ، كل شيء حي وقودا لعنادهما الطاحن الذي أُوقد عليه بوعود بصبغة قبلية تؤمن أن الكلمة أمرٌ إلهي صارمٌ كــ قول " كن" وليس هناك مجالٌ للتراجع...
أحمد علي عبدالله صالح و شيعته ، علي مُحسن الأحمر و مُريديه ، يبدون اليوم على أتم الإستعداد لتقديم ما هو ممكن للإنتصار للنفس و للهروب من عيب القبيلة المُخزي ، عيبُ الهزيمة الذي لا يؤمن بلغة الأرقام و فقه الواقع ، و كلا الفريقين يجذب أنصاره بطريقة تقليدية تبعث الحيرة و الإشمئزاز في أوقات كثيرة...
الى الفريقين بالتساوي : استريحوا كي لا تضيع البقية... لازال هناك أملٌ و أملٌ مُتفائلٌ ببناء هذا البلد المُنهك بعنادكم و إختلافكم وعقلياتكم التقليدية المحكومة بخلفيات الغالب و المغلوب ، لازال هناك أملٌ أن تتكامل كلُ ألوان الجمال في اليمن فتبدو كقوس قزح و تكفر باللون الأحمر القاتم ، لون الموت الزُعاف ، لازال هناك بقية من أمل بأن ينهض هذا البلد و يُعيد ترتيب أوراقة لمصلحة الفُقراء البسطاء...
استريحوا كي لا تضيع البقية فالبلد مُنهك بكل الحروب التي خيضت بإسم الدفاع عن كل شيء ، البلد مُحتاجة الى أن تأخذ قيلولة لتستجمع قواها و تُعيد بالتفكير جديا بهذا الإنسان الكنز ، تُعيد التفكير بالفقراء الذي يحلمون بوطن يحفظ كرامتهم ، يضمن مُستقبلا جميلا لأولادهم ، البلد بحاجة أن يمشي سويا على صراط مستقيم فينظر كيف تتسابق الأمم في الفضاء الفسيح ، فضاء العلم و التكنولوجيا ، فضاء النظريات النسبية و النانوتكنولوجي ، البلد بحاجة أن تكفر بكل هذا العبث الشيطاني المُمارس عليه من بيت آل الأحمر و الوشم الأحمر و اللحى الحمراء...
و إنصافا ، آن للقوى السياسية أن يُعيدوا رسم خارطة خططهم بغير أدوات العناد ، اليمن بحاجة الى كل فكرةِ خيرٍ حتى يتعافى من آلامه ، اليمن بحاجة الى كُلِ خطاب يدعو الى التسامح و حُب الوطن ، اليمن بحاجة أن توجه كل قنواتنا الإعلامية بكل أطيافها الى غرس القيم الإنسانية النبيلة و الكف عن التحريض و الإنتصار للذات ، الإبداع الأجتماعي في الكون كُله أختصر في الآتي " و اتقوا فتنة لا تُصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" ، الدمار سيحل على الجميع إن أراد ان يقدم ضيفا غير أنيق ، لن ينجو منه أحد ولو كان يألف ترديد الأوراد بعد كل صلاة ، وما جارتنا الصومال عنا ببعيد...
أسرفنا الكثير في صقل سيوف ومعاول الهدم بحجة او بدون حُجة والآن علينا أن نستفيق ، لازال هناك بقية من وقت حتى نُعيد ترتيب أولياتنا الوطنية العليا ، لازال هناك بقية من الوقت لأن نُجاوب ، مجتمعين ، على الأسئلة التالية : من نحن ، ماذا نُريد ، كيف نصل؟ ، لابد و أن نُغلب خطاب الجمع على الفرد ، فالوطن مجموعة أفراد لأجل الجميع ، هناك فرصة و قد تكون الأخيرة ، و بعدها سنغض أنامل الندم حين لا يغني شيئا...
لأجل الشُهداء ، لأجل الفُقراء ، لأجل البُسطاء ، أتقدم اليكم بكل أرقى معاني الخطاب الإنساني ، أتقدم اليكم بكل عظمة التسامح الإسلامي الحنيف ، أتقدم اليكم و أناشد فيكم إنسانية مدفونة ، ولا أجد غير تراتيل إبراهيم طوقان : في أيدينا بقية من بلاد فاستريحوا كي لا تضيع البقية ، البقية تعني لشعبنا الكثير إن كانت لا تعني لكم شيئا ، خذوا دقائق معدودة و اغمضوا أعينكم و تخيلوا اليمن مُتقدما و متحضرا و لا معاناة لفقير فيه ، صدقوني ستشعرون بشعور ألذ من شعور الفوز بعد عناد ، شعور أسعد من إصدار الأوامر بالإجتياح و القصف و تعليم الناس الإحترام ، هو شعور أُقسم أنكم ستعيشانه لأول مرة في حياتكم ، فلا تخسروا حتى لذه المُحاولة!!
اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق