الصفحات

الخميس، 28 يوليو 2011

ما لا ينبغي السكوت عنه!!


ما لا ينبغي السكوت عنه!!

عبدالرحمن العسلي

رحل أخونا بهمومه وبأمانيه وبطموحاته ، رحل و أُقسم أنه لم يرحل وليس في قلبه كمدات من تعنتات المُلحقية ورعونة مسؤوليها ، رحل وأُقسم أنه يحمل همومنا و يعيش واقعنا المحفز نحو الهروب الى عالم ليس فيه مثل هولاء المسؤولين الإنتهازيين ... ليست كلمات مُغذاه بالعاطفة او الشعور بالحزن على فقد صديق و رفيق درب بل هو الواقع الذي ظل مسؤولو الملحقية يُكابرون عنه ويُنكرونه بكل مكر و ذكاء ودهاء تمرسوا عليه...

ليس هذا أوانه ، وليس هذا المُقام مقام سرد لواقع نُعاني منه ، المقام أرقى و أعظم.... رحل اخونا لكننا لم نعرف ما الذي صنعوه من اجله ، لم يُطلعونا على الأسباب و ما هي توجهاتهم تجاه القضيه ، لم يُصدروا حتى بيان لتبين القضيه... هذا اخونا ولن نسكت عن تفاصيل هذه القضية ، نحن هنا لا نحاول نبش ما تم دفنه بل نُريد معرفة ماذا صنعته السفارة تجاه هذه القضيه ، فليست قضية إنتهاء فيزه بل هي قضية إنتهاء حياة شاب في الأربعة والعشرين من عمره ، زهرة وليست كالزهرات ، بظروف غامضة و زاد من غموضها تكهنات الطلاب الغير مستنده على حقائق...

يا سعادة السفير ، شطرنا الثاني الطالب المتوفي قد مات ، ماذا صنعتم من أجله ، ما هي نتائج التحقيقات ، وهل ناقشتم اسباب القضية ودوافعها إن كان لها دوافع ، نحن بذمتكم ستُسألون عنا يوم القيامة ، نحن بعيدين عن أمهاتنا وآبائنا وانتم هنا أباؤنا وأمهاتنا ، أخاف أن يكون مصيري مثله ولا أحد يسأل ولا أحد يتفقد أحوالنا ، أسألكم بالله أن تستشعروا هذه الحقائق التي سأسردها تباعا:

الحقيقة الأولى : الشباب يعانون من ضغوط الدراسة ، الدراسة صعبة للغاية لأسباب تتعلق بتعليمنا الثانوي العقيم فالإنتقال المُفاجئ الى الدراسة باللغة الإنجليزيه وإنتهاء بكسل الملحقية وتفريطها بواجباتها ... كل ذلك جعل من الطالب تحت ضغوط دراسية لا يُحسد عليها ..

الحقيقة الثانية: الواقع المعيشي الصعب ، وأذكر أننا طالبنا بتحسينه ذات مرة فقوبلنا بوعود ذهبت أدراج الرياح كالهشيم في يوم عاصف ، وضع معيشي مُعقد للغاية ، شحة في المساعدة المالية ، بجانب تسلط رجال المُلحقية والنظر الى الطالب بنظر اليائس الهارب من تحمل المسؤولية متعللين بما يحدث على أرض الوطن ، يقولون كلُ شيء يأتي من هناك ومربوط بهناك وبالتالي يهربون بجُبن عن مواجهة الواقع وتحسينه..

الحقيقة الثالثة: غياب دور المُلحقية الأكاديمي والإجتماعي وإقتصاره على الجانب المالي وإختراع أشياء تعقد الطالب ، كحملة التوقيعات المُخترعه مؤخرا ، وإحضار النتائج التي بإمكانهم أن يحصلوا عليها من الجامعات ، بجانب توقيف منح الطُلاب فجأة مما يجعل الطلاب يفكرون بالمستقبل بقلب الوجل المترقب الخائف.

الحقيقة الرابعة: الغُربة تفاقم من معاناة الطالب ، فالطالب حديث العهد بمثل هذه التجارب والبُعد عن الأهل تجعل منه مشروع إنهيار اعصابي و إستسلام نفسي لمشاكل تأتي مُتعاقبة ، يكون أمامها خائرا غير ذي قوة او قابلية للتحمل والمواجهة.

بين ضغوط الدراسة والواقع المعيشي وغياب دور المُلحقية والغربة يظل الطالب يحلم بركن شديد ليحتمي به من الضغوط النفسية التي قد تؤدي بحياته ، يظل يعول كثيرا على موقف رشيد من قبل سعادة السفير لإعادة ترتيب الأوراق والأولويات والمسؤوليات ، يظل الطالب يعول عليه أن يتبنى دور الأب الشفيق على أبنائه ، والرحيم الذي يرحم ويخاف على من يعول..

من حقنا ان نُطالب معرفة مصير اخينا الراحل ، ومن حقنا أن نُطالب سعادة السفير ان يُعيد النظر لمرات بوضعنا نحن الطلاب وبما نعانيه بسبب أخطاء إدارية بسيطه ، من حقنا أن نخاف أن نكون مشروع تتحكم فيه الضغوط النفسية والأحوال المعيشه القاسية والتجاهل المستفز المُذل.

السبت، 23 يوليو 2011

آل النعمان : رحلة بلا حادي !!

آل النعمان : رحلة بلا حادي !!
عبدالرحمن العسلي
لا زلتُ أعتقد بأن الإنتماء الثقافي هو كالكعبة تهوي اليها قلوب المتشابهين في ثقافتهم و أذواقهم ، لستُ من مُدمني الخيال العلمي لكن أتفق تماما مع الحقيقة العلمية التي تقول أن الطاقات المغناطيسية تتركز في بؤرة ما في الأرض تتجمع كل الطاقات المغناطيسية اليها...
كانت تلك هي جزء من حكاية الإنتماء وتقديم الولاء ، لكن حكاية الهيام والإحترام والشعور بالهيبة في ساحات بيت النُعمان لا تبدو كتلك الحكايا السابقة المُجردة من أريج الإعتزاز الصادق والفخر الغير مصطنع او المُتكلف ، هي ليست حكايات بقدر ما هي تفنُنات صاغها قلبٌ محب لبيت النعمان ، ومبهور بعظمتهم و متخذٌ صراطهم سبيلا للوصول الى السمو...
لا ادري أهو الحذر الذي يسبق العاصفة أم الحذر الذي يتوسد الخوف ، على كُلٍ ، الحذرون يُخطئون نادرا كما قال الفيلسوف الصيني كونفيشوس...
مالي وقلمي نتدافع التحليق في سماء أخلاق هولاء القوم حياءً كأننا عذراوين نتدافع على الدخول الى حكيم ككونفيشوس ، تدافعٌ له مبرراته ، وله فلسفاته ، المُقام عظيم هو بإختصار مقامٌ سادتُه بيتُ النُعمان ، اهل العلم وأهل الثقافة وأهل الكرم وأهل الإبتسامه والنغمة النعمانية ذات العزف المُميز...
الكلمات التعزية الفصيحة المتمايله ، بحركاتها وسكناتها تختصر ألوان الجمال ولُغات الإبداع ، هي صفحة بيضاء مستطيلة الشكل ذاتُ حوافٍ بنفسجيةٍ مطبوع في ربض الصورة : نحن إبداع الله ، كموسيقى ما بين الكمال النسبي والكمال المُطلق...
نعم هم هكذا ، لم يدخروا علما ، لم يدخروا جهدا ، لم يدخروا وقتا ، كل ذلك جعلوه منشورا أمام الناس صالحِهم وفاسدهِم ، مستحقِهم و نقيضِه ، أفنوا حياتهم لغايةٍ ساميةٍ ، وسُكبت دماؤهم لترويَ أرضُ اليمن كافة ، لتمنعَ عن فقرائهم ثانيةَ معاناه ، ودقيقةَ ألم ، وساعةَ جوع...
سأتوقف قليلا فلقد خالطني شعورٌ بحزنٍ لا طاقةَ لي به ، شعورُ الفقد والفراق والحنين ...
اليك يا آرثر شوينهاور ، أثق بقدرتك على تدارك الامور ، لا أثقلَ على الإنسان من الشعور بالحُزن في ساحة فخرٍ وزَهو وكبرياء ، خذْ مقاليدَ الامورِ وارمِ بنا الى أحضان فلسفتهم الإنسانية الراقية ، فلسفة "النعامنه" النبيلة...
من النادر أن نُفكر فيما نملك ، بل نحن نُفكر فيما ينقُصنا ، هذه كلمات من لجانا الى فلسفاته تعلما ،  لم تُخني ثقتي سيد آرثر شوينهاور ، لكني أجد نفسي مضطرة لأن تقول أننا نُفكر بعمالقة بيت النُعمان سواء كانوا بيننا او رحلوا الى الدار التي تُناسبهم وتوفيهم حقهم ، هم كلُ ما نملك ، هم كلُ الذي ينقُصنا ، هم روحٌ تدبُ لتصنعَ تفكيرا يتناسبُ وقيمتهم ، لتصنع تفكيرا بدهاء آل النعمان و صفاء سريرتهم...
تنقلات سريعة بين ابداع متكاملٍ سياسيةً وثقافةً وعلماً وفناً وكرماً ، حقوقُه حصريةً ومحفوظةً لآل النعمان ، فشكرُ ذوي الفضل واجبٌ لا مناص عنه ، هم ضحوا وعلمونا ما لم نكن نستطيع تعلمه إذا لم يتخذهم الله سببا لتعليمنا ، علمونا بوسائل شتى ، للفن الراقي إتصالٌ بهم كفرع من أًصل ، للسياسة الرصينة إتصالٌ بهم كعمل بقول ...
شددتُ الرباط ذات مرة مُرغما ، سرتُ من غير هدف للوصول اليه ، وجدتُ نفسي داخل قاعة المركز الثقافي بصنعاء ، وقفتُ مرة اخرى حيرانا ، ما الذي جاء بي الى هنا ، تيهان بين أسئلة وأجوبة ، قمرٌ نُعماني بفصاحة أنيقة وعلمٍ جم تأسر الأفهام والأسماع والأذهان لكلامها المليئ حُبا لليمن ورأفة بأهله ، عرفتُ لاحقا أنها كانت الأستاذه المرحومه "فوزية نُعمان" رحمها الله وغفر لها...
آل النعمان بكهولهم وشبابهم وأطفالهم ، برجالهم ونسائهم ، سطروا أروع الأمثلة ، وملأوا العالم علما وفنا وسياسة وحنكة كما ملأوها كرما وشهامة وأخلاقا ... سأظل متنسكا في محراب عظمتكم حتى أرتوي أو أجد شيئا من كرم الجوار عليَ أُسافر الى مدارج العُظماء التي بنيتموها وأرسيتم مدامكها منذ قديم الزمن... 

الجمعة، 22 يوليو 2011

خالقو الجوع في جسدي!!


خالقو الجوع في جسدي!!
إهداء الى المُلحق الثقافي والمُلحق المالي...
الطبيعة تتذرع بتمرد عناصرها لتُلقي بالإنسان في جوفها ، تدحرجت ذات مرة صخرةٌ فوقعت على عامل بسيط ينافح على أسرته ليمنع عنهم الفناء النسبي ، وقعت الصخرة على الفقير المُعدِم فأردته صريعا ، تُوفي الرجل وإنتقل على إثرها الى باطن الأرض ، نجحت مكيدة الطبيعة لتجعل من الصخرة الصماء سببا في تمكينها من إحتضان ذلك الشاقي البسيط...
أيها الحاضر ! ، تحملنا قليلا ، فلسنا سوى عابري سبيل ثقلاء الظل ...! ، ضحية أخرى من ضحايا مكرالطبيعة ، هو ذلك النابغة محمود درويش  وهذه هي كلماته التي سطرها،  اتفق معك يا سيدي ، هي ثقيلة أن نكون عابري سبيل وثقلاء الظل في الوقت ذاته ، وبقدر كلُ ذلك الثقلُ فإننا نخضع قسرا لترتيبات الطبيعة لتُلقي بنا في نهاية المطاف في أحشائها كأمٍ تحضن صغيرها بعدما يئست من لقائه ، فتحضُنه حضنةً لا توحي بأنها ستدعه يُفلت منها الى الأبد...
(أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) سورة الرعد.. لحظاتُ صمتٍ في ريعانِ معاني هذه الآية الكريمة ، لحظة إمعانٍ وتجلٍ و إظهارِ عجز ... تجول في ذهني أنوارُ هذه الأية ، هو ذلك الذي ذكرتُ وربِ الكعبة ، الأرضُ –بأمر ربها- تمكرُ بنا مكرا رحيما لِتودعنا في أحشائها ، لتجعلنا في كنفها ، لِتُبعدنا عن الهم والحُزن والأهات ، يا الله !! كم أنت رحيمة بنا أيتها الأرض ، تمكرين بنا لتجعلينا أكثر هدوءً وأكثر راحة و أمن...
نموت على الأرض بتدبير من الأرض بأمر من رب الأرض لنوضعَ في أحشاء الأرض ، هي تلك القصة المُختصرة لأساطير البقاء والفناء ، التعاقب المُتبادل ، تبادل الأدوار بنسق بطيئ رتيب غامض ، هي تلك –لعمري- رحلة وجودنا التي خسرنا من أجلها الكثير ، عانينا من أجلها الكثير ، و قتلنا إبتساماتنا من أجلها طويلا...
يا لِغرابة الحياة !! تَخايَلَ خالقو الجوع فظنوا أنهم قادرون عليها ، تجبروا فتعالوا فخلقوا فينا جوعا مستحدثا ، قسماتُ وجوههم المتعاقبة لا توحي الا بإدعاء غبي للقدرة على الخلق والتبجح به ، إعترافٌ بحجم بجاحتهم تلك ، وأنةٌ بقدر جوعنا الذي زرعوه فينا ، تَعاَقبَ هولاء الآلهة المتخايلون ولم تختلف سوى ألوان ربطات أعناقهم وحجمها طولا وقَصرا...
سألني ذات يوم صديقٌ لم يرني منذ سنة واحدة فحسب ، قال لي لماذا انت نحيلٌ هكذا؟ ولماذا أُكل بعضُك؟!
لم أستطع إجابته بالآية القرأنية السابقة ، فقد لا يفقه مرادي من سردها عليه ، لكني قلتُ له بلسان البسيط المظلوم ، أنا ضحية مدعو الألوهية الذين لا يجيدون حتى الإدعاء ...
خالقو الجوع فينا ، هم مسؤولو الملحقية إبتداء بالملحق الثقافي إقبال العلس ومرورا بالملحق المالي السابق نصر الشوافي ومؤخرا الوسيم جدا الأستاذ مختار المعمري الحاجز مساعدتي المالية بحجة أني لم أوقع على كشوفاته المُقدسة...
ستخلقون فينا جوعا ونحالةً ، وسيخلق فيكم الخالق الحقيقي عاهات و سرطانات وسُقم ، هذه بتلك ، فالعدالة تقتضي ذلك ، وستتجرعون بما جرعتمونا مهانة وذلا وجوعا أضعاف ذلك نكدا وعُسرا... أشعر بقشعريرة تنتشر في جسمي وأنا اكتب هذه الكلمات التي لا أحب أن أقولها ، لكنه إحساس من نقص من جسمه إرضاءً لشهوات الكُسالى وعاشقي التعسير في كل شيء ، إرضاءً لأرباب الكشوفات المُقدسة التي بقدر ما يُمكن تنظيمها وتعبية فراغاتها ، الا أنها جُعلت لتكون عقبة عسيرة أمام من لا يستطيع الإيفاء بمثل هكذا تعقيدات..
لستُ مبررا عدم توقيعي فلقد أتيتُ اليهم ذات يوم ولا يوجد احد في معبدهم الأبيض ، لكني أعتذر الى جسمي الذي انهكه تهاون أرباب الملحقية و إختراعاتهم المتلاحقة لكائنات معوقة كتلك التي ظهرت مؤخرا وباتت تُعرف بالحضور القسري لتأدية مراسيم التوقيع المُقدس ...
الى الملحقين الثقافيين وملاحقاتهما أهديكم كلمات سبارتكوس الأخيره لأمل دنقل ، غير أن نحالتي سأقتص لها ذات يوم منكم....
فالانحناء مرّ ..

العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى

الله . لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا !

و الودعاء الطيّبون ..

هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى

لأنّهم .. لا يشنقون !

و ليس ثمّ من مفر

لا تحلموا بعالم سعيد

فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديد !

وخلف كلّ ثائر يموت : أحزان بلا جدوى ..

و دمعة سدى
!




الخميس، 21 يوليو 2011

الغنطوسية والخوف على الإسلام!!


الغنطوسية والخوف على الإسلام!!
عبدالرحمن العسلي

تحاملُ العاطفةِ على العقل من أشد الظلم على الإطلاق ، و مجرد الشعور بالوصاية على أي شيء هو نوع من تنازع الربوبيه مع الرب الحقيقي ، وتقمص دور المُرشد هو إحتقار لقدرات الآخرين...

الغنطوسية هي السر الماحق لجميع افكارنا ، وأقصد أفكارنا نحن النشء المتطلع ، القطار السريع الذي يحاول الوصول قبل الموعد وبترتيبات زمانية مجحفة جدا بحق سُنن الكون ، غير أن الإجحاف هذا سيكون على أشُده عندما تُخلط العاطفه مع هذا التسابق مع الزمن... لا شك بأن العُذر لن يكون ممكنا إذا ما وصلنا بحماقاتنا الى نشر العُنف في المجتمع...

أعترف ، هي جملة إبتدائية تحتاج الى جملة بمثابة الخبر لتُفسرها ، هاكم الخبر إذاً....

لستُ خائفا عليك ... محاولات إقصاء من الواقع الحديث لا ولن تنجح ... فلا تفرحوا ... قالها زميل لم يبلغ من العُمر الثانية والعشرين عاما...

دعونا نُعرج على مصطلح الغنطوسية عن بُعد ، الغنطوسية –بعيدا عن معناها في الديانة المسيحية- تعني الإلهام الداخلي البعيد عن العقل لتفسير الأمور الدينية البحته... قد تتطابق مع الوافع وقد تتعارض الا أن مخرجات الفكر الغنطوسي هي من إملاءات الإلهام الداخلي أي مُجرد شعور وخطرات تُصبح قناعة وتُنشر بطريقة هشيميه تعشق النار والريح...

بالضبط هي إملاءاتنا وإلهاماتنا الداخلية المبنية على اختلالين.. الإختلال الأول هو العاطفه الغير متوازنه والآخر هو الشعور بالوصاية على الناس... هي إملاءات لا تؤمن بالعقل ولا تجعل من النتائج ذي قيمة ، والناتج بالتأكيد قناعات غنطوسية مريرة تؤصل الى عُنف لا مفر منه...

الجملة الخبرية المتتمة للمعنى هي : الإسلام ليس ضعيفا حتى يُخاف عليه أو يُدافع عنه ... الإسلام نظام متجدد يستمد قوته من تفاعله مع الزمن والمكان فيستطيع تطويعهما لصالحه وليس العكس... الإسلام دين حاجة ودين حاجة كما سمعت ذات يوم من الإستاذ عبدالقاهر العسلي مسجل عام جامعة صنعاء...

كيف يُخاف على الإسلام من الإقصاء وهو الدين الإلهي الجامع لكل الخير والداعي لكل خير والمنسجم مع كل خير ، إن الخوف على الإسلام من الإقصاء إنما هو خوف على الخير من الإقصاء او الفناء ، وهذا النوع من الخوف يُسمى بالخوف العبثي إذْ أنه لا يمكن أن يحدث... الإسلام كهدف مجبول عليه الإنسان ، ومطبوع بقلبه وفطرته... لكن ما يُمكن إقصاؤه هو شهواتنا الدنيويه التي غلفناها بالإسلام ونسبناها زورا للإسلام العظيم ، هي مطامعنا وحديثنا باسم الرب إفتراءً عليه...

الإسلام دين الله وهو الوحيد المُتكفل بحمايته وما علينا الا أن نُصلح أنفسنا وندع الوصاية على خلق الله وعلى الإسلام بحجة الخوف عليه من الأقصاء... ما علينا أن نفهمه وبطريقة غير عنطوسية هو أن كل شيء من حولنا ينمو ويكبر ، فلنحذر ان نبقى كما نحن للأبد كما قيل...

ما ينبغي الخوف عليه هو بقاؤنا كما نحن ، ملتصقين بخوفنا الغنطوسي على الإسلام المحفوظ بوعد من الله المتعالي الجبار.. ما ينبغي الخوف عليه أن نبقى كما نحن نحاول أن نكون أوصياء على الناس ومدافعين على الإسلام بطريقة مباشرة او بطريقة غير مباشرة ، ما يجب الخوف عليه هو تعاملنا مع الناس على اننا نحن المرشدين الأتقياء والآخرون هم من يجب علينا أن نُعيدهم الى حضيرة الإسلام...

هي دعوة صادقة الى أن نُصلح انفسنا وان نؤمن إيمانا عميقا بأن الإسلام في محل قوة لأنه مرتبط بالحق والحق قوي بذاته وعليه لا نحسب كل صيحة علينا ونبدأ بالتذمر وإبداء القلق والخوف على الاسلام لمجرد فهم قاصر وتوجس غير مُبرر من مجهول هو في طي العدم...

المجموعات الثورية الفيسبوكية والأفكار الإبداعية !!


المجموعات الثورية الفيسبوكية والأفكار الإبداعية !!
عبدالرحمن العسلي
لا شك في أن المجموعات الفيسبوكية تمثل في الوقت الراهن عاملا لتغيير المستوى الثقافي للمجتمع سلبا او ايجابا ، بل إنها الآن تمثل رقم لا يُستهان به في التغيير على أرض الواقع سواء كان سياسيا او دينيا او حتى على المستوى الأكثر إنفتاحا على المجتمعات البعيدة...

لنقترب أكثر ، المجموعات الثورية أُصيبت مؤخرا بنوع من الترهل ، هذا الترهل -بالتأكيد- جاء لترهل الثورة و تأجيل عملية الحسم ، لكن ما يجب مناقشته هو ميلان الجانب التعارفي والإجتماعي على الجانب الثوري ويبدو ان الجانب الأول أسهل وأمتع مقارنة بالجانب الثوري الذي يتطلب جهدا و عملا عمليا مبنيا على إستدرار الأفكار و الإبداع المتناسب مع نقل أخبار او دعم شيء كالثورة...

تنوعت نقاشات معظم المجموعات الثورية بين المواضيع الثانوية والإسترسال في مناقشة التفاصيل ، والإنجرار وراء ردة الفعل وقت التعليقات والتعقيبات ، فتنشأ مواضيعٌ شتى تُناقش تحت مظلة مناقشة الموضوع الأم فتتشعب الأفكار وتتناثر وفي معظم الأحيان ينتهي الموضوع بخلاف واشتباكات تحتاج الى قوات شغب ثورية لفضها...

أفكار أبداعية لبعض المجموعات:

نقاشات مفتوحة:

هناك بعض الأفكار التي نشأت تحت كنف بعض المجموعات الثورية ، أهم هذه الأنشطة دعوة النشطاء السياسيين والثورين الى حوارات مفتوحه كما يحدث بإستمرار في مجموعة (يمن المستقبل) النشيطة والمُنظمة وعقلها المُحرك الأستاذ أنيس شمسان ، فحسب إطلاعي تم دعوة الأستاذ محمد المقالح ، والمحامي هائل سلام ، وإن لم تخني الذاكره الأستاذ حسن زيد...

إنتخابات ديموقراطية:

إتنخابات ديموقراطية وشفافة لإختيار مشرفي المجموعات ، تتم بصورة خيالية لا تكاد تُصدق ، برامج إنتخابية ، دعايات ، وسائل إقناع بأفكار تنافسية تبعث السرور والمرح والمتعة كذلك ، تقييم للمترشحين ، تفاعل مع برامجهم : تشجيعا ونقدا ، نشر لروح الفريق الواحد في الجروب الواحد ، كل هذه المعاني التي تبدو مثالية تحدث في المجموعات الثورية كالتي حدثت مؤخرا في المجموعة الرائعه ( كلُنا يمنيون) المجموعة الثورية الديموقراطية الأولى ، والتي تمتاز بإنسجام أعضائها و روح الفريق الواحد.

برامج وورش عمل:

ورش عمل وبرامج تدريبية تجري في المجموعات الثورية بأساليب حديثة وبتقنيات رائعة جدا ، تتمييز هذه الورش والبرامج بأفكارها والمواد المعروضه فيها بجانب النقاشات الجدية المُثمرة و فنيات الإقناع الثورية ، فقرات هذه الورش تتنوع ما بين فيديوهات و معلومات اكاديمية مأخوذه من مراجع راقية ومتداولة عالميا ، إحدى أروع هذه الورش والبرامج نظمته المجموعة الأشهر والأكثر عددا ( ثورة الشعب اليمني) ، وأُديرت هذه الورشة التي استمرت لثلاثة أيام بواسطة الرائعين رشأ ناصر و المهندس مظفر نعمان ، لا أخفيكم كانت من أفضل الفُرص للنقاش أكاديميا داخل اروقة الفيس بوك ومجموعاته الثورية...

إنتاج مقاطع ثورية راقية:

الدعم المعنوي –والذي هو هدف المجموعات- يختلف من مجموعة الى مجموعة ، فبعضها يكون على شكل انتاج تحفيزي فقط عن طريق المنشورات وبعض المجموعات أنتجت موادا إعلامية راقية ومُعبرة جدا وبإخراج في منتهى الإبداع ، على سبيل المثال الفيديو الذي هدف لإقناع منتسبي الجيش لعدم إعتراضهم للمعتصمين سلميا...

ندوات حوارية موسعة:

إقامة ندوات نقاشية موسعة لمواضيع راهنة في ساحة الثورة ، فيشترك المهتمون بتقديم روؤاهم على شكل ورق عمل مُختصره ، و طرح الأفكار بشكل منظم يجمع الفكرة والأسلوب و الأسباب والحلول .. على سبيل المثال لا الحصر ، نظمت مجموعة (كلنا يمنيون) عدة ندوات كان آخرها عن دور المرأة في الثورة فتميزت هذه الندوة بالأطروحات الراقية والنقاش الأكايمي المُثمر...

أفكار إبداعية وأنيقة:

أفكار مستحدثة و معتمدة على التوثيق الرائع تجمع الأعمال على شكل حلقات منظمة وبشكل دوري ، مجموعة (خطوة) الشبابية الرائعه تميزت بطرح مثل هذه الأفكار ، مثلا قامت هذه المجموعة بإنشاء ألبوم خاص يجمع الشخصيات الثورية بتنوعها ويُعرض دوريا كشخصيات ثورية بتوقيت محدد ، كذلك إنشاء ألبوم لكُتاب يتناولون قضايا بأسلوب جديد وخاصة من الشباب الجُدد فتمثل هذه الألبومات تشجيع لهولاء الشباب وتزيد من انتاجهم الثقافي والثوري وتنمي فيهم الثقة في النفس والمنافسة مع الكتبة المحترفين...

هناك الكثير من الأفكار والملاحظات الحلوة ، لكن يظل التعويل على التفكير بتطبيق التوازن بين العمل الثوري الذي يرفع المعنويات وبين التواصل الإجتماعي الذي يقتل جُل الوقت في أشياء ثانوية لا تكون نافعة في معظم الأوقات...

ملاحظة : النقاط هذه مأخوذه من المجموعات التي أنا مشترك فيها و لدي إطلاع على ما يجري فيها حتى لا اظلم بعض  المجموعات الأخرى التي قد تمتلك افكارا وأشياء ابداعية لا أعلمها ....




المتواليات والرحى المتآكله!!


المتواليات والرحى المتآكله!!
عبدالرحمن العسلي
بلغة العاطفة المُجردة لا يُمكن القول أكثر مما قاله الدكتور عبدالكريم الشامي ذات مرة على صفحته في الفيس بوك :  "عقول العرب هي ما يحتاج الى ثورة حقيقية إذا كنا فعلا نبغي المُضي نحو التغيير ، تنمية بشرية فعالة من أجل غدٍ مستدام أفضل ، هي اللبنة الأولى للتغيير وإلا سنظل ندور في متوالية مقفلة وكالرحى نتآكل مع الزمن"... إنتهى كلامه حفظة الله ...
وبلغة العقل المُجرد لا يكمن الإضافة أكثر الى ما قاله ، بيد أن المتواليات التي كان يحوم حولها تحتم علينا أن نعترف بكل ما قاله او رمي اليه الدكتور العزيز ... من الخطأ جدا القول بأن ما نحن اليوم عليه من إفلاس ثقافي وحضاري وأخلاقي جاء فجأة وبسبب شخص واحد او حتى نظام واحد ، ما نحن فيه هو تراكمُ عقودِ سيطرة قوى لا تفقه سوى العنف والقوة وإحمرار العيون والعشوائيه ، لن أعود الى التأريخ فمعظم ما جاء في التأريخ يتناقض والحقائق المنطقية الدامغة ، بل سأعود الى سنن الله في الكون والمنطق البسيط.
ما حدث مؤخرا خلال الثورة بل خلال أسابيعها المتأخرة يجعلني أؤكد كل ما اقوله وبغرور ، عمليات القتل والسلب والنهب ، عمليات الحرب الجماعية ، والهجوم الجماعي ، عمليات السيطرة على مدن بأكملها بواسطه مجاهيل ، تخلخل لميزان القوى بين عشية وضحاها ، إنعدام الإشياء الأساسية للحياه وإحتكارها ، إرهاب الناس وإقلاقهم و العبث بالسلم الإجتماعي ، كل هذا يصرخ في وجوهنا مصارحا لنا بالحقيقه بأننا لم نعد حضاريين!!
إن الفطرة الإنسانية السليمة تُناقض كل هذه التصرفات او حتى مجرد التفكير بها ولو إيرادا ، لأجل ماذا كل هذه التنازلات الأخلاقية الإنسانية المُرعبة ؟ أكاد أزعم بأنه لا يوجد مصوغ أخلاقي او حتى إنساني يستحق التبرير لهذه الأعمال ولو كان الأمر متعلقا بالدين او النفس او العرض ...
ما فتأنا نُنادي وندَّعي بأننا ذو خلفيات ومرجعيات عربية قائمة على الأخلاق والسمو ، وخلفيات إسلامية قائمة على السلم والتسامح والمحبة وإعمار الأرض ، وخلفيات إنسانية تحترم الإنسان لذاته ولكونه فقط إنسان ، لكني إجد نفسي مُرغما القول هنا بأن هذا مُجرد إدعاء وأنه كما قال الدكتور الشامي إدعاءٌ كالرحى تتآكل مع الزمن.
أيه يا دكتور!!! تلك هي المتواليات التي جعلتنا نتأكل مع الزمن ، هروب من مواجهة المُشلكة والإعتراف بها ، وظلينا نتخذ من الماضي المتهالك خطة دفاعية نهرب بها من مواجهة الواقع ، فصرنا رُحى لا نستطيع حتى حمل أنفسنا ، عالةً على المجتمعات ، منهزمين أخلاقين ، نُجيد عمليات الدسائس والقتل والبغض والكره والحروب النابيليونية اللامنتهية ...  إن مجرد التأوه إنما دثار يُشبه تلك الخطة الدفاعية للهروب من هذا الواقع الأليم ، وتبقى المتواليات تتنازع بعضها بعضا كما نتنازع بعضنا بعض كالضواري الشرسه...
يا للعجب!! مجرد ثورة او حفاظ على شرعية جعل منا شعبا بلا قيم وبلا أعراف وبلا أخلاق ، إن لم يكن الشعب كله فمُعظمه ، كلٌ يتمترس خلف هدفه ومُبتغاه والأرواح تُسفك والدماء تسيل والناس يُقاسون أشد أنواع العذاب الجبار العنيد ، يُعانون في قوت يومهم وفي مشربهم ومأكلهم وهم ضعفاء بسطاء لا يستطيعون تقديما او تأخيرا ، مالِ هذا السقوط المُريع للأخلاق العامة حتى لم نجد منكرا لمثل هذا المنكر ولا آمرا بمعروف يمنع عن الناس هذا العذاب وهذا الإضطهاد الجبروتي الحقير.
لازلتْ استغاثات أمي المسالمة تتوالى في مُخيلتي لتبعث فيَ إحتقارا لمؤوسساتنا الدينية والثقافية التي لم تستطع تأهيل إنسان يؤمن بإنسانيته طيلة 33 سنة ، وتبعث فيَ إحساسا يأكل بعضه باننا لا زلنا نحتاج ان نُعيد أن نتعلم الأخلاق الإنسانية من الألف حتى الياء كطفل في بداية عهده بالحياة ، كل إستغاثات امي الطيبة كانت عن حال بسطاء في حارتنا قالت أنهم لا يملكون حتى قوت يومهم ، لا يملكون الأشياء التي كفلها الله لكل المخلوقات ، ماءً يشربونه ، وطعاما يقتاتون به ، زاد من إنسانية تلك الإستغاثات إسترسال أمي في سرد القصص التي لا تتناسب و شعب كشعب اليمن المشهور بأخلاقه من لدن زمن بعيد..
سأبتعد عن ما قلت يا دكتوري قليلا وأقول أن الأمر يتطلب إعادة التفكير بالأخلاق الإنسانية البحته ، إعادة إحترام الإنسان فقط لإنسانيته ، إعادة قُدسية الإنسان وبكيانه البنائي ومن ثم كيانه المعنوي ، لازلنا نحتاج كل هذه الأشياء لنتقل الى ما قلت ، الى مرحلة التغيير والرُقي إنسانيا وتنظيميا ...
ختاما ، متوالياتنا تأبى أن تكون كالرحى لتتآكل مع الزمن ، وتأبى الا تقديما قُربانا بدلا عنها ، فإما أن نبدأ مرحلة بناء الإنسان وإحترام حقوقه وقوانين الله في الكون ، والا فليُهيء كلٌ منا نفسه ليكون قُربانا صالحا و لا ينسى أن يُزيت نفسه ليكون سهل الطحن و التآكل ...

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

المجلس الإنتقالي ورواية (شفرة دافنشي)!!

المجلس الإنتقالي ورواية (شفرة دافنشي)!!
الموناليزا ، الأنثى المُقدسه ، لوحة العشاء الأخير ، وردت في رواية (شفرة دافنشي) للروائي دان براون... مشاهد تتكرر على أرض الواقع الثوري ، و لا مفر من القول بأن لوحة ساحة التغيير بدت على غير عادتها بعد تشكيل هذا المجلس الإنتقالي ، بدت غامضة كتلك التي يرسمها الفنان الشهير دافنشي ، تحتاج الى فك شفرات ولا أظن أن البرفيسور "لانغدون" أستاذ علم الرموز الدينيية بجامعة هارفارد مُفسر رسالة سر حركة " سيون" سيستطيع فك هذه الشفرة الثورية...
فاصل قصير ، كلام رائع جدا ومُقنع بحجم شخصية الباحث جمال المُليكي الذي التقيته في العاصمه الماليزيه مع مجموعة من الشباب ، الكلام المجرد من الأهواء هو كلام الحقيقة ، هكذا قال بثقة مُفرطه وعنفوان الحقيقة يتراءى بين ثنايا كلماته ، التكلم بإسم الأحزاب يستدعي الدفاع عن الكلام بغض النظر عن مصداقيته لكن الكلام كباحث يُحتم عليك الكلام بالحق فحسب ، هكذا رسم – المُليكي- لوحة زاخرة بكل معاني الإنصاف والإنحياز للحقيقة ولا  غير....
دعونا نُناقش المجلس الإنتقالي وتشابهه مع رواية (شفرة دافنشي) ، المجلس الإنتقالي حاول أن يكون كلوحة الموناليزا التي ناقشتها الرواية ، فالمجلس الإنتقالي ليس بالثوري ، وليس بالسياسي ، الأسماء وإن كانت لم تُبَلغ من قبل إعلانها الا انها بدت كما بين المشرق والمغرب ، حاولتْ أن تجمع الشتيتين ، تحاول جمع النقيضين ، حاولتْ أن تلم شمل ما لا يُمكن لم شملُه ...  الإله الفرعوني (أمون) إله الخصوبة الرجل برأس خروف ، وليزا اله الخصوبة المؤنثة (إيزيس) التي كانت تكتب بحروف تصويريه (ليزا) جعل منها الرسام العبقري لوحةً مكونة من (آمون) و (ليزا) ، هذا الكيان الجديد ليس بالرجل وليس بالمرأة سُمي (الموناليزا) ، تماما كما حدث في المجلس الإنتقالي ، فليس بالسياسي وليس بالعسكري وليس بالثوري وليس بالشبابي...
الأنثى المُقدسه تبدو شُجاعة بما فيه الكفاية ، تُعلن مجلسا إنتقاليا دون حتى إعلام شخصياته ، تُنشئ مجلسا إنتقاليا على خلفية من توكل على الله أعانه ، و لا بأس من المحاولة فللمجتهد أجران كما يُقال ، على خلفية الثائرُ لا بد أن يُضحي وأن يبادر وأن لا يضل حبيس الساحات والتنظيرات ، قد تكون صادقة لكن لا مجال لإضفاء صفات التقديس على هذه الأنثى الثورية الشجاعة ، فعملُهما قابل للنقد وبقسوه كما هو قابل للتبرير بصعوبة... لكن لتوكل ما قررت وعليها ما أخطأت ولا قداسة...
لوحة العشاء الآخير ، أحد فصول الرواية التي تحكي الأثني عشر الذين تناولوا العشاء مع المسيح قبل رفعه الى السماء ، قد تكون العشاء الآخير لمشروع كالمجلس الإنتقالي إن لم ينجح ، وقد تكون العشاء الأخير لمشروع الحفاظ على المؤوسسات القائمة ، وقد يكون فتيلا لإذكاء الأزمة بلغات العسكر ذات البيان رقم واحد ، لا مكان للتشاؤم لكن المعطيات تعضد هذا السيناريو وبقوه ، فمشروع الجيشين ، ومشروع الدولتين ، ومشروع المُبادرة المتسرعة غير المتأنية قد تلقي بظلالها على الحدث والواقع ككل... سبعة عشر عضوا يُمثلون مشارب شتى ، بخلفيات مختلفة تماما ، بينهم القابل للإنسجام وبينهم المُحفز للتنافر ، بعض الشخصيات تُذكي روائح تذكر الماضي النتنه ، وبعضها الآخر جُعل منه هيكلا ليضمن إتزانا فيزيائيا لطاولةِ العشاء هذه ، بيد أن التخوف وخفوت تمثيل الشباب لا يُمكن إخفاؤه ولو صلبا...
الآن أنا أشد إيمانا بكلام الباحث جمال المُليكي ، ونحن الآن في المرحلة الحرجة هذه علينا أن نكون باحثين عن مصلحة الناس وبالتالي إتخاذ القرارات لا يجب ان يكون بأي حالٍ من الأحوال إنفراديا او حتى ثوريا ، ليكن مجلسا إنتقاليا ولكن بإتفاق الشباب وتكتلاتهم ، ليكن مجلسا إنتقاليا لكن مدعوما بحركة ثورية تُسقط الشرعية القائمة ، تفرض قناعاتها الثورية الممثلة لتطلعات الناس ...
ما بين الموناليزا ، والأنثى المُقدسه ، ولوحة العشاء الأخير ذات السبعة عشر عضوا ، يبدو المجلس الإنتقالي مولودا في الشهر السابع ، يفتقر لأشياء كان يجب الإتفاق ودراستها بعناية قبل إتخاذ قرار كهذا ، فالثورة وساحاتها مدرسة تعلمنا منها الشراكة والروية والإستعانة بذوي الرأي والتخصص ... النصر للثورة ، والمجد للفقراء المرابطين في الساحات ، والله مع الحق ولن ينتصر الباطل وإن اشتدت صولته...



السبت، 16 يوليو 2011

قد لا يفهمني سواك!!


قد لا يفهمني سواك!!


تحية طيبة يا راهب (هيبا)... تحية مُكللة  بالإمتنان ، إمتنان الطالب المتؤدب بين يديْ مُعلمه الشُجاع ، تحية تحمل عبق الإسلام وتسامحه ، تحمل تعاليمة التي تقول : من علمني حرفا صرتُ له عبدا ، سأصير عبدا ولكن بإخضاع عقلي لفلسفات كلماتك المنطقية ، وسأُذعن لتفاصيل مُقدماته ونتائجة ايها الأب (هيبا) ... غير أني سأقتطف من زهور كلماتك ما يُواسيني في ليلتي هذه ، سأقطف متأدبا مُستأذنا عَلِي أفوز بلحظات تجلٍ وتصبر وصمود...


وأضعا يدا على يد ، مُطأطأ الرأس ، أُحاول أن ألجَ الى بنات أفكاره ، وحسان كلماته ، لحظة شُرود ، ولحظات شجاعة وإقدام ، لن أتردد فقد حان الوقت : "جسدي الذي كان قد أنهكه سفر الجسم والروح في الأرض والسماوات ، وحيرةُ ارتحال العين بين صفحات الكتب ، أن لا أحد يختار ، وإنما هي مشيئة السماء تتخلل الأشياء والكلمات"... الأب (هيبا)


تسابيحٌ وصلوات تعودت عليها بعد قرأة كلمات كهذه ، سأفرُغُ منها بعد ثوانٍ ، وأتبتل بفهم هذ التراص الرهيب والمُنمق لأبداعات الكلمات والمنطق ... نعم هي حيرةُ ارتحال العين بين صفحات الكُتب ، يا للعجب!! الكُتب سفينةٌ تعبر بنا من شاطئ الى شاطئ ، شواطئ جميلة ومكسوة بكل معاني الجمال ، زاخرة بكل معاني الإبداع ، تتنقل من إبداع الى آخر ، فتجد نفسك في رحلات متتابعة ، قد تبعثُ هذه الرحلات الحيرة أحيانا ، وتبعث الطمأنينية أحاينَ أُخر ... تغيير لشعور قد يتكدس في جوانب العقل والروح ، فتتجلى الروح بحقائق تنشط الكيان كله ، تُحفز مكامن الطاقات في الجسد فيُشع نورا وابتهاجا وبسمة...


متواضعا أقول ، لقد قرأتُ مجلدات عن الإنعكاسات في علم الفيزياء بحكم تخصص الهندسي البحت ، إثباتات قد تبدو منصفة في أوقات كثيرة ، غير أن إشعاعات الروح لا يُمكن أن تفسر بكل ذلك الكم الهائل من النظريات ، وأجد نفسي في حالة إنعكاس تام لأقول : إنعكاسات الروح تُختصر في شيئين فحسب ،  إبتسامة ودمعة...



صدقت يا أستاذي (هيبا) ... أن لا أحد يختار ، وإنما هي مشيئة السماء تتخلل الأشياء والكلمات ...


هي بالفعل مشيئة السماء تتخلل الإبتسامات والدمعات ، فتصير إنعكاسا محضا ، وتجلٍ جُل ما يُقال عنه أن الإنسان في حالة صفو ، في حالة سمو ، في حالة تعلق وإتصال بالروح العُظمى مستمدا طاقة وروحا جديدة...


وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ... (الشورى 52)



يا تُرى ما علاقة هذه الروح بإبتسامة الرسول الكريم التي كانت لا تُفارق مُحياه ؟!! أهي من قبيل إنعكاسات صفاء الروح وخلوصها ؟ يتراءى لي نورٌ بداخله صلى الله عليه وسلم ، نورٌ مضيءٌ يحاول النفاد الى الخارج ليُضيء الأرض كل الأرض ، ليعم الكون كل الكون ، أراه -أقصد النور- قد إرتسم على وجنتيه المكسيتان بحمرة لذيذه ، إرى ذلك النور إبتساماتٍ تُأمن الخائف ، تقذفُ في قلوب المروعين زخات مطر من أمن هنية طيبة ، تبثُ في ذوات البسطاء أياتٍ من الأمل ، وتنشر في أرجاء الكون نسمات عطر من تسامح ومحبة وتفاؤل...


أغرق في إبتساماتي العريضه مجددا ... أحاول أن أبكي شوقا ... ألمس روحا منه تصلني الساعة ، أبدو متفائلا للغاية على غير عادتي ، أناجي الأيام والأحلام والآمال فأصنع منها قاربا يوصلني الى شرف الصلاة والسلام عليه ، أسرح مبتهلا في تراكيب تشريفات الصلاة والسلام عليه ، أسرجُ للقلب العنان ليبكي حنينا، وليسأل الحبيب المصطفى نظرة ولو حتى بالمنام...


 جسدي الذي كان قد أنهكه سفر الجسم والروح في الأرض والسماوات...


ظل أيها الجسد النحيل مسافرا ، زادُك في هذا السفر الشيق صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، و براقك في هذا السفر أملا هو قريب وحبا لعباد الله ، علَ الوصول يكون ممكنا ، ولعل الإرتماء بعتبات الرب هو بشارات القبول والقُرب والحُب...


الجمعة، 15 يوليو 2011

تسطيرات عسلية...



تسطيرات عسلية...



لا أجمل من أن تحمل هدفا نبيلا ... الهدفُ النبيل هو فقط الذي يستحق أن يُضحي الإنسان من أجله... وأزعم أن الصدق والوضوح هما أشرف الأهدف النبيلة على الإطلاق...


الإنسان بلا هدف نبيل كالرجل ذي الشركاء المتشاكسين ، كل شريكٍ يوجهه الى جهة ، فتتصارع الأوامر والمطالب ، فيجد الإنسان نفسه في قمة العذاب ، المشهد نفسه يتكرر عندما يكون الشركاء مجرد افكار ، كلُ فكرة تعبث بالإنسان فتتصارع الأوامر والمطالب ، ذلك التصارع تحدث معاركُه الضروس داخل الإنسان ، فتُشعل النيران ، وينتشر الدمار ، وتعم الفوضى...


يا لَلَغرابه!! يشكو الإنسان من وجع الرأس ، يشكو من الصداع الكُلي والنصفي ، يشعُر بدقات ضربات قلبه تضطرب وتتذبذب ، إغورار في العينين ،  كلُ شيء يحكي حكاية متناقضة ، غير ان عناوين كل الحكاوي هو عنوان واحد: ألم ...

رحلة لطيفة نحو عالم مكنون ... عالمٍ لم يُكتشف بعد... هيئوا أفئدتكم وقلوبكم للرحيل... لا وقت للوقت كما يقول النابغة محمود درويش ... هيا بنا إذا....


المكان: القراءن الكريم
مملكة: سورة الزمر
البُستان: آية 29...  ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.


حقا ، ما أشد وقع لفظ المتشاكسون على السمع ، فالتشاكس هو الإختلاف العَسِر كما جاء عن ابن منظور في لسان العرب ، هو إختلاف بعنف ، وقد يكون العنف عنفا لفظيا او فكريا او حتى عُنفا معنويا ، الإختلاف بحد ذاته صعب فما بالُنا إذا كان الإختلاف عسيرا ، أظنه يذهب بنا بعيدا في غياهب الألم والتوجع والمُعاناة...


يا إلهي... كيف يمكن تخيل تشاكس في إطار النفس فقط ، كيف يكون الإختلاف عسيرا وشاقا في حدود عقل لا يتعدى وزنه الكيلوين... ما هذه القسوة وما هذا الإضطراب... تشاكس في الفكر و معارك بين الأفكار و ضحايا هذا التطاحن شيء لا غيره ، الإنسان وسلامته وطيابة نفسه ، بالضبط هي من تدفع الثمن ، أعني الفطرة الإنسانية النبيلة ، هو وحدها لَعمري...


تخيلٌ يبدو مُخيفا ، ويبدو مؤلما في الآن ذاته ، تشاكس و تصادمات في الإنسان وذاته ، أقسم ان سبب هذا التصادم والتعادي هو عدم الوضوح وعدم الصدق ، قد لا يكون الانسان واضحا مع نفسه فيتحمل تبعات كل هذه المخلفات ، الوضوح هو تحديد علاقة ، تحديد مسار ، تمييز أولويات ، والصدق هو آلية تحقيق كلُ هذا ، الصدق السلم المذكور في الآيه ، هو توازن قوى النفس مع نفسها ومع قريناتها ، فلا تشاكس في وجود السلم والعكس بالعكس..


لحظة قيلولة مع شذرات الإمبراطور والفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس ، أعدكم أن تكون سريعه ... يقول : ليست الحياة خيرة أو شريرة ، بل هي مُجرد مكان للخير والشر... هي هكذا تبدو ذواتنا ، ليست شريرة بذلك القدر ، وليست خيرة بذلك القدر ، هي شريرة وخيرة بقدر ما نحاول أن نخترع التناقض فيها ، بقدر ما نحاول إيقاد نار الحرب الفكرية في نطاقها ، هي شريرة بقدر تحميلها ما لا تطيق ، هي شريرة بقدر ما نغذي التشاكس ، وهي خيرة بقدر ما نُغذي السلم ، الآن وفقط الآن أكاد ألمس معاني قول الله تعالي (إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم) ، نعم أعترف أننا ظلمنا هذه الآية ظلما كبيرا عن طريق الإستدلال الخاطئ والفهم القاصر وتحميلها ما لا تُطيق...


حان وقتُ الإستيقاظ ، فقد ولى زمن القيلولات والنوم ، القرأن مليئٌ بالدرر ، مليءٌ بالكنوز ، لكن لا مُنقب بإنصاف ، لا مُفتش بسلم ، كل ما يجري هو تفتيش بإختلاف عسير ، تفتيش بتشاكس ، هو تحميل لآيات القرأن ما لا تُطيق ، هناك من آيات الرحمة والرُقي ما لو تدبر فيه المُنصف لصَعِقَ من هول منطقيتها وسلامة فكرتها وسلميتها الراقية .



اللهم اجلو تشاكس أفكارنا بنور القرأن المنصف العظيم ، ونَوِّر ذواتنا بنوره المُضيء الراقي والسامي ، واملأ أعماقنا بالحب والتسامح والسلم لأنفسنا وللناس من حولنا وللكون أجمع...


إنك نور على نور ولا يُعجزك شيء في الأرض ولا في السماء...