الصفحات

الجمعة، 15 يوليو 2011

تسطيرات عسلية...



تسطيرات عسلية...



لا أجمل من أن تحمل هدفا نبيلا ... الهدفُ النبيل هو فقط الذي يستحق أن يُضحي الإنسان من أجله... وأزعم أن الصدق والوضوح هما أشرف الأهدف النبيلة على الإطلاق...


الإنسان بلا هدف نبيل كالرجل ذي الشركاء المتشاكسين ، كل شريكٍ يوجهه الى جهة ، فتتصارع الأوامر والمطالب ، فيجد الإنسان نفسه في قمة العذاب ، المشهد نفسه يتكرر عندما يكون الشركاء مجرد افكار ، كلُ فكرة تعبث بالإنسان فتتصارع الأوامر والمطالب ، ذلك التصارع تحدث معاركُه الضروس داخل الإنسان ، فتُشعل النيران ، وينتشر الدمار ، وتعم الفوضى...


يا لَلَغرابه!! يشكو الإنسان من وجع الرأس ، يشكو من الصداع الكُلي والنصفي ، يشعُر بدقات ضربات قلبه تضطرب وتتذبذب ، إغورار في العينين ،  كلُ شيء يحكي حكاية متناقضة ، غير ان عناوين كل الحكاوي هو عنوان واحد: ألم ...

رحلة لطيفة نحو عالم مكنون ... عالمٍ لم يُكتشف بعد... هيئوا أفئدتكم وقلوبكم للرحيل... لا وقت للوقت كما يقول النابغة محمود درويش ... هيا بنا إذا....


المكان: القراءن الكريم
مملكة: سورة الزمر
البُستان: آية 29...  ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون.


حقا ، ما أشد وقع لفظ المتشاكسون على السمع ، فالتشاكس هو الإختلاف العَسِر كما جاء عن ابن منظور في لسان العرب ، هو إختلاف بعنف ، وقد يكون العنف عنفا لفظيا او فكريا او حتى عُنفا معنويا ، الإختلاف بحد ذاته صعب فما بالُنا إذا كان الإختلاف عسيرا ، أظنه يذهب بنا بعيدا في غياهب الألم والتوجع والمُعاناة...


يا إلهي... كيف يمكن تخيل تشاكس في إطار النفس فقط ، كيف يكون الإختلاف عسيرا وشاقا في حدود عقل لا يتعدى وزنه الكيلوين... ما هذه القسوة وما هذا الإضطراب... تشاكس في الفكر و معارك بين الأفكار و ضحايا هذا التطاحن شيء لا غيره ، الإنسان وسلامته وطيابة نفسه ، بالضبط هي من تدفع الثمن ، أعني الفطرة الإنسانية النبيلة ، هو وحدها لَعمري...


تخيلٌ يبدو مُخيفا ، ويبدو مؤلما في الآن ذاته ، تشاكس و تصادمات في الإنسان وذاته ، أقسم ان سبب هذا التصادم والتعادي هو عدم الوضوح وعدم الصدق ، قد لا يكون الانسان واضحا مع نفسه فيتحمل تبعات كل هذه المخلفات ، الوضوح هو تحديد علاقة ، تحديد مسار ، تمييز أولويات ، والصدق هو آلية تحقيق كلُ هذا ، الصدق السلم المذكور في الآيه ، هو توازن قوى النفس مع نفسها ومع قريناتها ، فلا تشاكس في وجود السلم والعكس بالعكس..


لحظة قيلولة مع شذرات الإمبراطور والفيلسوف الروماني ماركوس أوريليوس ، أعدكم أن تكون سريعه ... يقول : ليست الحياة خيرة أو شريرة ، بل هي مُجرد مكان للخير والشر... هي هكذا تبدو ذواتنا ، ليست شريرة بذلك القدر ، وليست خيرة بذلك القدر ، هي شريرة وخيرة بقدر ما نحاول أن نخترع التناقض فيها ، بقدر ما نحاول إيقاد نار الحرب الفكرية في نطاقها ، هي شريرة بقدر تحميلها ما لا تطيق ، هي شريرة بقدر ما نغذي التشاكس ، وهي خيرة بقدر ما نُغذي السلم ، الآن وفقط الآن أكاد ألمس معاني قول الله تعالي (إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم) ، نعم أعترف أننا ظلمنا هذه الآية ظلما كبيرا عن طريق الإستدلال الخاطئ والفهم القاصر وتحميلها ما لا تُطيق...


حان وقتُ الإستيقاظ ، فقد ولى زمن القيلولات والنوم ، القرأن مليئٌ بالدرر ، مليءٌ بالكنوز ، لكن لا مُنقب بإنصاف ، لا مُفتش بسلم ، كل ما يجري هو تفتيش بإختلاف عسير ، تفتيش بتشاكس ، هو تحميل لآيات القرأن ما لا تُطيق ، هناك من آيات الرحمة والرُقي ما لو تدبر فيه المُنصف لصَعِقَ من هول منطقيتها وسلامة فكرتها وسلميتها الراقية .



اللهم اجلو تشاكس أفكارنا بنور القرأن المنصف العظيم ، ونَوِّر ذواتنا بنوره المُضيء الراقي والسامي ، واملأ أعماقنا بالحب والتسامح والسلم لأنفسنا وللناس من حولنا وللكون أجمع...


إنك نور على نور ولا يُعجزك شيء في الأرض ولا في السماء...



هناك تعليقان (2):

  1. كلامك معسول بنكه صافيه وصادقه يا عسل

    ردحذف
  2. ولدي كلما قلت أني عرفتك اتضح لي أني لم أعرفك تماماً بعد زادك الله نور على نور

    ردحذف