الصفحات

الخميس، 7 يوليو 2011

الى آريوس والى دمعتي!!




الى آريوس والى دمعتي!!


ما اقسى وقعات الدمع ، تتباطئ في خروجها ، وتزداد هيجانا نحو الإنزلاق حتى إذا ما غادرت مُقلتيَ طرقتْ أبواب الشرود فتعاظم هروبها و فرت كالطفلة الخائفة المحزونه ، كيف لك يا دمعتي أن تهجُريني بهذه القسوة ، لعمرك لأنتي أقرب شيء اليَ إذْ ألجأ إليك مخففا أحزاني الجاثمة على إبتسامتي التي وهبتها حُريتها لتشدو حالَ رغبتها بذلك ، يا دمعتي سأقول لك سرا ، أسؤ شيءٍ لا أستطيع تحمله هو الفراق ولو كان فراق عدو ، ربما هي معاناتي مع التناقضات لكني صدقيني إني آلف الناس و وأنوح إذا ما فارقتُهم لأي سبب ، والآن أنتِ تكتبين نوحي بطريقة أخرى ، تمزقين ما تبقي بي من صبر وجلد ومقاومة...

تشاءين ما لا أشاء ، وتعشقين ما أكره ، وتداومين على ما أقطع ، كأننا خُلقنا دليلين للحق والباطل ، للتجمعِ والشتات ، للرحمة والقسوة ، تغادرين حين أحتاجُك ، وتتمردين حين أكون في شوق اليك ، ذلك الوقت حين أبكي تغادريني ولا تعبأي بأي شيء ، كأنك إلهٌ عشق التمرد ، او جبارٌ ألف العناد ، أو فقير ثائر بعد أن يئس من كل شيء وأُسقط في يديه كلُ شيء ، تغادرين وكأنك تقولين لستُ أخشى عتابك ، او حتى سطوتك ، لا اخشى شيء فما يُهمني هو أن ارحل عنك بأي طريقة وبأي ثمن....

يا دمعتايَ إن كنتما تعشقان الفرار الى المجهول ، فلا تفارقاني بلهفة العائد الى حضن امه ، ترسلا في فراقكما حتى أكمل تراتيل وداعكما ، و أسفار فراقكما ، وتبتلات الوداع ، علَ ذلك يُخفف من أسايَ الذي فُطرتُ عليه ، ويجعلني متخففا من بعض همومي التي أثقلت كاهلي المدعوم ببقائكما ، فكل شيء يهاجر بطريقة تدريجية الا رحيلكما يبدء بعنفوان السرعة وينتهي بعنفوان الإنزلاق...

الأشياء العظيمة لا بد وان يكون لها نكبات تُجلي عظمتها للناس ، فأرض المسيح نُكبت أمام الناس ورأوها وهي تصرخ ، و مُجمع نيقيه نُكب الحق فيه عدة نكبات وكان القسيس آريوس كبشا تم التضحية به وقُتل مسموما  مدافعا عن الكلمة ، تمردت الدموع في ذلك اليوم ، فآريوس الشجاع الأول في قول الحق جُمع له من بائعي القيم والمبادئ حشدٌ كبير حتى أستطاعوا ان يهدروا دمعه ، ولكأني أراه الآن يسير مكسور الخاطر ، شارد الذهن ، يعاتب دمعاته –كما افعل- فالحق صُلب في ذلك اليوم وفي عُقر الكنيسة ، تخونني عبراتي الآن وأنا أتذكر سيرته وأتذكر دمعاتي التي ربما تنفصل عني لتلتحق بدموع آريوس الراحل مغدورا...

لا عليك يا دموعي ، قد ألتمس لك العذر فإن أعماقي تقول أن اليوم عيد ميلاد آرينوس ، فشدي الرحيل لتقبيل دموعه المظلومه ، وعزيها فما أجمل سمو المعزيين ، وخاطبيها أن مقهوري الأفكار سيُخلدون في صفحات التأريخ الناصعة البياض ، ها هي الأيام تتوالى وها أنا اليوم أحتفل بعيد ميلادك يا آريوس ، إحتفال مُنصف ومُقدر لعمق الحقائق التي صدحت بها في ذلك اليوم في تلك المدينه الخالده ، مدينة نيقية...

بين الدموع وهيجانها نحو الرحيل ، وبين الإضطهاد الفكري علاقةُ توازن ومحاولة إنصاف ، فالدموع هي جزء من الإنسان تركيبا وإنشاءً لكنها تهيج معلنة الرحيل ، ولكأنها تحاول أن تقول أن الأفكار هي كذلك جُزءٌ من الإنسان ، هي نتاجه ،  لكنها تتمرد كما الدموع تحاول أن تسافر لتستقر الى عالم تشعر بالراحة ، الى عالم يُقدر الفكرة ويحترمها...

الى آريوس والى دمعتي ، إن التقاءكما في معاناة واحدة قد يخفف من معاناة ومكابدة عُشاق الحرية و ناقلي الحقيقة والمدافعين عنها ، مواساة لتُشجع أصحاب الحق على الثبات ، على المُرابطه وقول الحق وعدم الخوف من لوم اللآئمين ، فدموع المظلومين البسطاء مرهونة بقول الحقيقة والدفاع عنها....

الى آريوس أهديك أم الكتاب علَ الرحيم يتقبلها منا لك...

توقيع:

صخرة الوادي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق