الصفحات

السبت، 23 يوليو 2011

آل النعمان : رحلة بلا حادي !!

آل النعمان : رحلة بلا حادي !!
عبدالرحمن العسلي
لا زلتُ أعتقد بأن الإنتماء الثقافي هو كالكعبة تهوي اليها قلوب المتشابهين في ثقافتهم و أذواقهم ، لستُ من مُدمني الخيال العلمي لكن أتفق تماما مع الحقيقة العلمية التي تقول أن الطاقات المغناطيسية تتركز في بؤرة ما في الأرض تتجمع كل الطاقات المغناطيسية اليها...
كانت تلك هي جزء من حكاية الإنتماء وتقديم الولاء ، لكن حكاية الهيام والإحترام والشعور بالهيبة في ساحات بيت النُعمان لا تبدو كتلك الحكايا السابقة المُجردة من أريج الإعتزاز الصادق والفخر الغير مصطنع او المُتكلف ، هي ليست حكايات بقدر ما هي تفنُنات صاغها قلبٌ محب لبيت النعمان ، ومبهور بعظمتهم و متخذٌ صراطهم سبيلا للوصول الى السمو...
لا ادري أهو الحذر الذي يسبق العاصفة أم الحذر الذي يتوسد الخوف ، على كُلٍ ، الحذرون يُخطئون نادرا كما قال الفيلسوف الصيني كونفيشوس...
مالي وقلمي نتدافع التحليق في سماء أخلاق هولاء القوم حياءً كأننا عذراوين نتدافع على الدخول الى حكيم ككونفيشوس ، تدافعٌ له مبرراته ، وله فلسفاته ، المُقام عظيم هو بإختصار مقامٌ سادتُه بيتُ النُعمان ، اهل العلم وأهل الثقافة وأهل الكرم وأهل الإبتسامه والنغمة النعمانية ذات العزف المُميز...
الكلمات التعزية الفصيحة المتمايله ، بحركاتها وسكناتها تختصر ألوان الجمال ولُغات الإبداع ، هي صفحة بيضاء مستطيلة الشكل ذاتُ حوافٍ بنفسجيةٍ مطبوع في ربض الصورة : نحن إبداع الله ، كموسيقى ما بين الكمال النسبي والكمال المُطلق...
نعم هم هكذا ، لم يدخروا علما ، لم يدخروا جهدا ، لم يدخروا وقتا ، كل ذلك جعلوه منشورا أمام الناس صالحِهم وفاسدهِم ، مستحقِهم و نقيضِه ، أفنوا حياتهم لغايةٍ ساميةٍ ، وسُكبت دماؤهم لترويَ أرضُ اليمن كافة ، لتمنعَ عن فقرائهم ثانيةَ معاناه ، ودقيقةَ ألم ، وساعةَ جوع...
سأتوقف قليلا فلقد خالطني شعورٌ بحزنٍ لا طاقةَ لي به ، شعورُ الفقد والفراق والحنين ...
اليك يا آرثر شوينهاور ، أثق بقدرتك على تدارك الامور ، لا أثقلَ على الإنسان من الشعور بالحُزن في ساحة فخرٍ وزَهو وكبرياء ، خذْ مقاليدَ الامورِ وارمِ بنا الى أحضان فلسفتهم الإنسانية الراقية ، فلسفة "النعامنه" النبيلة...
من النادر أن نُفكر فيما نملك ، بل نحن نُفكر فيما ينقُصنا ، هذه كلمات من لجانا الى فلسفاته تعلما ،  لم تُخني ثقتي سيد آرثر شوينهاور ، لكني أجد نفسي مضطرة لأن تقول أننا نُفكر بعمالقة بيت النُعمان سواء كانوا بيننا او رحلوا الى الدار التي تُناسبهم وتوفيهم حقهم ، هم كلُ ما نملك ، هم كلُ الذي ينقُصنا ، هم روحٌ تدبُ لتصنعَ تفكيرا يتناسبُ وقيمتهم ، لتصنع تفكيرا بدهاء آل النعمان و صفاء سريرتهم...
تنقلات سريعة بين ابداع متكاملٍ سياسيةً وثقافةً وعلماً وفناً وكرماً ، حقوقُه حصريةً ومحفوظةً لآل النعمان ، فشكرُ ذوي الفضل واجبٌ لا مناص عنه ، هم ضحوا وعلمونا ما لم نكن نستطيع تعلمه إذا لم يتخذهم الله سببا لتعليمنا ، علمونا بوسائل شتى ، للفن الراقي إتصالٌ بهم كفرع من أًصل ، للسياسة الرصينة إتصالٌ بهم كعمل بقول ...
شددتُ الرباط ذات مرة مُرغما ، سرتُ من غير هدف للوصول اليه ، وجدتُ نفسي داخل قاعة المركز الثقافي بصنعاء ، وقفتُ مرة اخرى حيرانا ، ما الذي جاء بي الى هنا ، تيهان بين أسئلة وأجوبة ، قمرٌ نُعماني بفصاحة أنيقة وعلمٍ جم تأسر الأفهام والأسماع والأذهان لكلامها المليئ حُبا لليمن ورأفة بأهله ، عرفتُ لاحقا أنها كانت الأستاذه المرحومه "فوزية نُعمان" رحمها الله وغفر لها...
آل النعمان بكهولهم وشبابهم وأطفالهم ، برجالهم ونسائهم ، سطروا أروع الأمثلة ، وملأوا العالم علما وفنا وسياسة وحنكة كما ملأوها كرما وشهامة وأخلاقا ... سأظل متنسكا في محراب عظمتكم حتى أرتوي أو أجد شيئا من كرم الجوار عليَ أُسافر الى مدارج العُظماء التي بنيتموها وأرسيتم مدامكها منذ قديم الزمن... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق