الصفحات

الأربعاء، 6 يوليو 2011

المشاريع اليسارية والمشاريع الإسلامية!!

المشاريع اليسارية والمشاريع الإسلامية!!


عبدالرحمن العسلي


تفنن مؤخرا (المفكرون الإسلاميون) المراهقون ذوو العشرينات من العمر ، قليلو الخبره ، والشاطحون وراء السراب ، البانون حقائقهم وقناعاتهم على أساس تأريخي لم يكلفوا أنفسهم عناء قرآءته او حتى النظر اليه وتقليب صفحاته.. منطلقين بنقد المشاريع اليسارية التي عبثوا بكل جميل فيها ولم يحفظوا عن هذه المشاريع الخالدة سوى كلمات لم تعيَ (جدتي) بحفظهن.


لمْ يُكتبْ للمشروع الإسلامي النجاح الا في عهد ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وعمر بن عبدالعزيز الذي وصل في أوجه الذي مثلَ العهد الأموي وعنفوانه ، وفي عهد هارون الرشيد الذي يُمثل العهد العباسي ، وما بعد ذلك لم يعد للمشروع الإسلامي أي أثر ولم يُرى حقيقة على أرض الواقع.


وعلى المستوى الأقرب مَثَل المشروع العُثماني-الإسلامي- الذي كان يمثل الأمبراطورية الإسلامية وخلافتها في أوسع المعاني ، امتد هذا المشروع الذي كان يُدعى له في المساجد ولخلافائه في رخائهم وشدتهم وفي سلمهم وحربهم ، ولو نظرنا نظرة إنصاف لرأينا أن هذا المشروع-الإسلامي- ما زادنا الا خبالا ، منع عنا العلم في حين ان اروبا كانت منطلقة وبلهفه ، قُسمت أمتنا في عهده ، تخلفنا ولم نتقدم خطوه واحده في حين كانت كل الأمم تتقدم بسرعة هائلة.


يقول الدكتور إبراهيم علوش في مقال له كتبه في صحيفة الوحده الاردنيه :" وهذا، مع أن العثمانيين لم يتركوا أثراً حضارياً واحداً في أيٍ من البلاد التي احتلوها، وكانوا دوماً يتركون البلاد التي يطئونها أسوأ حالاً مما استلموها.  فكانوا بذلك أكثر احتلال متخلف في تاريخ الاحتلالات، بعد التتر والمغول.  ولم يعرف عنهم إنجازٌ واحد في العلوم أو الفنون أو الآداب أو العمارة طوال فترة حكمهم (وليس فقط في نهايته)، على عكس التراث العربي-الإسلامي الغني بمثل هذه الإنجازات.  وربما يشذ ابتكار "النرجيلة" – ربما - عن هذه القاعدة" ، هكذا كانت الحال وهكذا ورثت القوى اليسارية وضعا مزريا يفتقد الى ابسط معاني الدولة والمجتمع المترابط. هذا غيض من فيض ، وما يروج له من قبل أن العثمانين كانوا حماة للأمه وخاصة فلسطين إنما هي خُدعة تأريخيه وهناك دلائل موثقة لا يتسع لسردها في هذا المقام.


الكم الهائل من هذا التخلف المُزري ، والهيجان التخلفي العميم ، تحملت أعباؤه المشاريع اليسارية فشرعت تبني الإنسان فكرا ومجتمعا ، حُررت معظم البلدان والأوطان في عهد هولاء اليسارين ، بنو وخلدوا ذكراهم بأعمال وطنيه على مستوى رائع يُرى الى أيامنا هذه ، المشروع الإشتراكي الذي ساوى بين الناس وبنى دولا قوية اقتصاديا ، المشروع الناصري العظيم  الذي حرر الأمة المثقله والمُكبله بقيودٍ وجبال من التخلف والعُسر الذي خلفه الإحتلال العُثماني ، ولم يُسجل أي مشروع كانت الأمه فيه منطلقة ولو حتى معرفيا وفكريا الا في عهد الراحل الخالد جمال عبدالناصر ، وأسألوا عنه الأراضي العربية التي دعم مشاريعها الجوهرية إن كُنتم لا تعلمون!!.


إن الحديث عن عدم تجريب المشروع الإسلامي هو محض طُرفة لا تُضحك ، أو غباء مُستفحل ينتشر في العقل إنتشار السرطان ، والهروب من هذه الحقائق إنما هو تدليس وتضليل محض ، وعليه علينا ان ننظر الى مصلحة بلدنا بدلا من الحنين الى اي المشاريع التي ولى عهدها ، نجعل مصلحة الوطن هي العليا ، وما دون ذلك هو الأسفل ، لا نتعصب للمشروع الإسلامي كونه إسلامي ولا للمشروع اليساري لمُجرد أنه يساري ، فأينما كانت مصلحة الوطن بمشروع او برنامج ما سلكنا وادي ذلك المشروع بحكمة وهدف واضحين ، فالحكمة ضالة المؤمن أين ما وجدها أخذ بها.


كذلك ، علينا أن نتغلب على حساسيتنا من المصطلحات وأن ننظر الى عُمقها وجوهرها ، فلا تُرفض الليبرالية لمجرد اسمها ، ولا العلمانية لمجرد اسمها ، ولا حتى الخلافة الإسلامية لمجرد اسمها ، ولكن يؤخذ كل جميل ويُطوع لمصلحة البلد والفقراء المغلوب عليهم الذين ما عاد باستطاعتهم الخوض في مثل هذه الجدل الحرفي العقيم ، فالبرامج والمشاريع على ارض الواقع هي التي ستبني قناعات الناس لا مجرد جدالات بيزنطيه ميتافيزيقيه شاحبه بحته.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق