الصفحات

السبت، 16 يوليو 2011

قد لا يفهمني سواك!!


قد لا يفهمني سواك!!


تحية طيبة يا راهب (هيبا)... تحية مُكللة  بالإمتنان ، إمتنان الطالب المتؤدب بين يديْ مُعلمه الشُجاع ، تحية تحمل عبق الإسلام وتسامحه ، تحمل تعاليمة التي تقول : من علمني حرفا صرتُ له عبدا ، سأصير عبدا ولكن بإخضاع عقلي لفلسفات كلماتك المنطقية ، وسأُذعن لتفاصيل مُقدماته ونتائجة ايها الأب (هيبا) ... غير أني سأقتطف من زهور كلماتك ما يُواسيني في ليلتي هذه ، سأقطف متأدبا مُستأذنا عَلِي أفوز بلحظات تجلٍ وتصبر وصمود...


وأضعا يدا على يد ، مُطأطأ الرأس ، أُحاول أن ألجَ الى بنات أفكاره ، وحسان كلماته ، لحظة شُرود ، ولحظات شجاعة وإقدام ، لن أتردد فقد حان الوقت : "جسدي الذي كان قد أنهكه سفر الجسم والروح في الأرض والسماوات ، وحيرةُ ارتحال العين بين صفحات الكتب ، أن لا أحد يختار ، وإنما هي مشيئة السماء تتخلل الأشياء والكلمات"... الأب (هيبا)


تسابيحٌ وصلوات تعودت عليها بعد قرأة كلمات كهذه ، سأفرُغُ منها بعد ثوانٍ ، وأتبتل بفهم هذ التراص الرهيب والمُنمق لأبداعات الكلمات والمنطق ... نعم هي حيرةُ ارتحال العين بين صفحات الكُتب ، يا للعجب!! الكُتب سفينةٌ تعبر بنا من شاطئ الى شاطئ ، شواطئ جميلة ومكسوة بكل معاني الجمال ، زاخرة بكل معاني الإبداع ، تتنقل من إبداع الى آخر ، فتجد نفسك في رحلات متتابعة ، قد تبعثُ هذه الرحلات الحيرة أحيانا ، وتبعث الطمأنينية أحاينَ أُخر ... تغيير لشعور قد يتكدس في جوانب العقل والروح ، فتتجلى الروح بحقائق تنشط الكيان كله ، تُحفز مكامن الطاقات في الجسد فيُشع نورا وابتهاجا وبسمة...


متواضعا أقول ، لقد قرأتُ مجلدات عن الإنعكاسات في علم الفيزياء بحكم تخصص الهندسي البحت ، إثباتات قد تبدو منصفة في أوقات كثيرة ، غير أن إشعاعات الروح لا يُمكن أن تفسر بكل ذلك الكم الهائل من النظريات ، وأجد نفسي في حالة إنعكاس تام لأقول : إنعكاسات الروح تُختصر في شيئين فحسب ،  إبتسامة ودمعة...



صدقت يا أستاذي (هيبا) ... أن لا أحد يختار ، وإنما هي مشيئة السماء تتخلل الأشياء والكلمات ...


هي بالفعل مشيئة السماء تتخلل الإبتسامات والدمعات ، فتصير إنعكاسا محضا ، وتجلٍ جُل ما يُقال عنه أن الإنسان في حالة صفو ، في حالة سمو ، في حالة تعلق وإتصال بالروح العُظمى مستمدا طاقة وروحا جديدة...


وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ... (الشورى 52)



يا تُرى ما علاقة هذه الروح بإبتسامة الرسول الكريم التي كانت لا تُفارق مُحياه ؟!! أهي من قبيل إنعكاسات صفاء الروح وخلوصها ؟ يتراءى لي نورٌ بداخله صلى الله عليه وسلم ، نورٌ مضيءٌ يحاول النفاد الى الخارج ليُضيء الأرض كل الأرض ، ليعم الكون كل الكون ، أراه -أقصد النور- قد إرتسم على وجنتيه المكسيتان بحمرة لذيذه ، إرى ذلك النور إبتساماتٍ تُأمن الخائف ، تقذفُ في قلوب المروعين زخات مطر من أمن هنية طيبة ، تبثُ في ذوات البسطاء أياتٍ من الأمل ، وتنشر في أرجاء الكون نسمات عطر من تسامح ومحبة وتفاؤل...


أغرق في إبتساماتي العريضه مجددا ... أحاول أن أبكي شوقا ... ألمس روحا منه تصلني الساعة ، أبدو متفائلا للغاية على غير عادتي ، أناجي الأيام والأحلام والآمال فأصنع منها قاربا يوصلني الى شرف الصلاة والسلام عليه ، أسرح مبتهلا في تراكيب تشريفات الصلاة والسلام عليه ، أسرجُ للقلب العنان ليبكي حنينا، وليسأل الحبيب المصطفى نظرة ولو حتى بالمنام...


 جسدي الذي كان قد أنهكه سفر الجسم والروح في الأرض والسماوات...


ظل أيها الجسد النحيل مسافرا ، زادُك في هذا السفر الشيق صلوات على النبي صلى الله عليه وسلم ، و براقك في هذا السفر أملا هو قريب وحبا لعباد الله ، علَ الوصول يكون ممكنا ، ولعل الإرتماء بعتبات الرب هو بشارات القبول والقُرب والحُب...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق