الصفحات

الأربعاء، 13 يوليو 2011

ثوار تعز وطيور جبل (الطير)!!



ثوار تعز وطيور جبل (الطير)!!


جاء في ثنايا رواية (عزازيل) للدكتور يوسف زيدان ذِكرُ (جبل الطير)...جبل الطير هذا يقع قرب الصعيد شرقي النيل وقصة هذا الجبل أن طيورا تأتي في كل عام وتحط عنده فتملأ الأجواء ، ثم ترحل فجأة بعدما يضحِّي طيرٌ بنفسه! بأن يُدخل رأسه في كوةٍ بسفح الجبل ، فيتلقف رأسه من داخلها شيء مجهولٌ، فلا يُفلته حتى يجف جسمه ويسقط ريشُه. فتكون تلك إشارة لبقية الطير ، كي يغطسوا في النيل ويرحلوا في الليل ، ليعودوا العام التالي من الموعد ذاته ، ويعيدوا الكرة...


لا أدري!! فقصص الطيور قصص ذات طابع رومانسي و ذوق رفيع ، غالبا ما تتعلق قصصها بالإيثار والجمال والرُقي في الأهداف ، هي كذلك هذه المره ، قصة ولا أروع ، تضحية ولا أروع ، ودروس في منتهى الإبداع ، هذا على مستوى طيور حددت مسارها ، تشاركت في أهدافها ، رسمت طريقا واضحا لسيرها ، تموت بعضُها من أجل الكل ، وتضحي بنفسها من أجل بلوغ الهدف ، هي بالتأكيد لم تفعل كلُ ذلك الا أنها تعلم أن رفاقها لن يخلدوا الى الأرض ويستوطنوا ذلك الجبل وإن كان مريحا ، هي لم تفعل ذلك الا تضحية من أجل رفاقها حتى تمكنهم من الوصول الى هدفهم ، الى أرضهم المنشودة.


تشابه لطيف مع فوارق عنيفه ، تعز وثوار العاصمة ، تعز ذلك الطائر الأبيض الجميل ، السلمي بطبعه ، الأنيق والنظيف في مظهره ، نقاء كنقاء الفطره ، وعلو كعلو النجوم ، وتطلع وفرح واستبشار كذلك الطائر المُغرد ، لم يشفع لهذا الطائر الأنيق كل هذا ، فأختارت لنفسها أن تطرح رأسها في تلك الكوه من ذلك الجبل ، ألتقمها المجهول إلتقام الحاقد البغيض ، لم يُفلت لها ولم ينحل جسمها ولم يسقط ريشها بعد!!


ترتيبات الزمن وبروتوكلاته بدت بصورة هزيلة ، أسلمتْ تعز للمجهول ، وظل القوم قابعون في امكنتهم و أستلذوا القعود في ذلك الجبل ، لم يعد يُهمهم أمر ذلك الطائر ، ولم يأبهوا حتى لتساقط ريشه ، ظل الطائر في الكوه مخنوقا ، وأخلدت الطيور الباقية الى الجبل ، بإنتظار أمر قد يُغير سنن الكون ويُميت المجهول الذي في الكوة...


يا للكارثة!! قد اسرفتُ من تكرار الجبل والطائر والمجهول ، لكن دعوني أضع أمام مخيلاتكم حقائق دامغات : الطائر لن يستطيع الصمود أكثر ، هو مخنوقٌ وبعنف ، لوحظ بأنه يفقد بعض ريشه ، ويبدو أن لون ريشه قد شابه شيء من الكسوف الرمادي الداكن ، المجهول يُجيد الخنق ومص الدماء ، لا يُهمه أي شيء ، هو مجهول وليس موضوعا امام مسؤوليه او مساءلة من أي نوع ، ويبقى التعويل على جموع الطيور ان تهاجر ، ان لا تستوطن ذلك الجبل الموحش ، على الطيور الذهاب الى الطير المخنوق لإنقاذه والهجره نحو الهدف مهما كلفها من مخاطر ، لن ينفعها العودة إن هي عولت على سقوط ريش ذلك الطائر الأنيق ، لا معنى للهجرات المتتابعة من دون معنى ، عليها أن لا تفرط بذلك الطائر المُلهم..


خيار العام القادم مستبد وجبار ، لا يفقه أساسيات الرحمة او الشفقة ، ويبدو معقدا بل أشد تعقيدا إذا ما قارناه بخيار رحيل الطيور وهجرتها الجماعية نحو الهدف ، هو أسهل وأيسر وأقل تكلفة ، هجرة الطيور الجماعية السلمية نحو هدفها سيُنقذ الطائر الأجمل من الموت بالخنق ، و سيوطن الطيور أرضا رخية لن يفكروا بعدها بالهجرة والرحيل والتضحية بأي من الطيور الجميلة... هو وطن حتى البعث ، وهو خروج الى نهار مضيئ غير مظلم ، وهو المُخلص للطيور كلهم من رحلات التعب والمعاناة والبهذله...


على الطيور المهاجرة أن تُدرك أن الطير لم يجف جسمه ولم يسقط ريشه بعد ، وقد تكون هي من البشارات وبريق الأمل الساطع من بعيد ،  والتعويل على  ان يفلت من ذلك المجهول الذي في الكوه او ان يجف جسمه او يسقط ريشه أمرٌ فيه مخاطرة وقد يتحول الوقت الى جحيم لا يُطاق ، وقد يُعاند الوقت نفسه ويتجملَ لنفسه وحينها لا مهرب من الخضوع لأوامر الوقت المتعنت...

دعونا نشردُ لحظات مع هذا الضوء الشارد للموسيقار ياسر عبدالرحمن ، بإنتظار ما سيتُقرره الطيور المُهاجره هذه ...



توقيع :

صخرة الوادي...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق