الصفحات

السبت، 9 يوليو 2011

تعز وآخر رجال الموهيكانز!!



تعز وآخر رجال الموهيكانز!!



بعد أن راق للثوار على أرض ساحة التغيير القعود وترديد بعض الشعارات الثورية ، ظلت تعز تحت قبضة السجان المُنتقم ، حيثُ آلة النار تعبث بكل شيء جميل هناك وكأن ثوار ساحة التغيير ينتظرون آخر رجال الموهيكانز ليُحررها!!


من الصعب إيجاد رابط أنيق بين قرية (الموهانس) وبين قرية تعز لكن آلة القتل والدمار واحدة ، تبدو تعز تشتكي وتصيح وتئن في الآن ذاته ، تدمير لجمالها ولمدنيتها ولقيمها الراقية ، إستهداف بخلفياتٍ مُخيفة ومُقيتة ، تجمعٌ للذئاب حول غزالة طرية يُحتار في جمالها وعودها اليانع ، تلك هي تعز في قبضة شهوات أرباب القوى وعُشاق الدماء الطاهرة المُزينه للأرض و صمودية الإنسان.


قد يكون كلُ عمل قابلٍ للتبرير وإختراع الأعذار له ، الا عملية القتل والهمجية المُقيته التي تطال مدينة تعز الحُرة ، إذ ان تدمير تعز هو تدمير لقيم المدنية السمحة وقتلٌ لما بقي من أملٍ لبناء اليمن المدني الحديث ، هو إنجرارٌ نحو تأليف واقع درامي يُمهد لآخر رجال تعز ولا أظنه يكون الشيخ حمود المخلافي -حفظه الله-.


مترددا أقولها ، إن الواقع يقول أننا باتجاه تلك الملحمة العالمية الرائعه التي حصلت على جائزة أوسكار والتي تحكي أحداث الهجوم على قرية (الموهانس) وابادة أهلها ولم يتبقَ سوى رجل واحد دافع عن القرية حتى وصل الى آخر معاركه من سلسلة معارك الهنود الحُمر...


العُنف لا يولد الا عُنفا أكبر ، وإستخدام القوة لن يولد سوى إستخدامٍ أعنف للقوة ، وفي حاصل الأمر تظل المعادلة صفرا فلا فريق فائز والكُلُ خاسرون ، ولن ينفعنا أننا دونا ملاحمنا البطولية ضد الحرس الجمهوري وأخوانه في حين تخسر تعز مدنيتها وسلميتها ، ولن يُجدي كذلك الجنوح نحو الحرب لأي سبب من الأسباب ولن يكون لمقطوعتنا الموسيقية التي سنعزفها بعد الإجهاز على الكُل أي قيمة حتى ولو حصلت على جائزة الأوسكار!!


وإنصافا ، كان من اللازم إتخاذ فعل كالذي فعله الشيخ الشُجاع أبان إقتحام ساحة الحُرية لا سيما بعد تفشي الصبغة الطائفية التي كان يتعمدها المقتحمون في ذلك الوقت وخاصة بعد الإقتحام ونعت الناس بنعوت لا تتصل الى الرُقي الإنساني بشيء ، نعم كان موقفه موقف بطولي ولكن الآن حان ان ننتصر لمدنية تعز ، حان أن نوقف العبث بمدنيتها و سيلان الدماء فيها ، لقد علت أصوت المدافع والطائرات لفترة ليست بالقليلة بدلا عن أصوات الثقافة والفن والإبداع ، لا معنى للإستمرار في هذا القتال ولو كان باسم الثورة ، نحن الآن بحاجة أن نتنازل ولو قليلا عن عنادنا – أقصد مسلحي الثوار والحرس الجمهوري- وخاصة بعد إبداء بعض الأطراف رغبتها لتسوية سياسية شاملة.


الثورة جُزء لا يتجزء ، والساحات هي كالجسد الواحد ، فكيف لنا أن نؤمن بسلمية الثورة والثوار في تعز تحت آلات القمع وإرهاب القوة وفي صنعاء يُغنون ويستأنفون برامجهم الثقافية ، هو أنفصام غيرُ مُبرر وتتحمل تعبات كل هذه الخروقات (مدَنيةُ) تعز وتأريخها المدني الراقي ، ولو لم تكن خسائر الثورة الا هذه لكفى بها والله خسارة فادحة تحتاج الى سنين مديده لترميم فهم الناس للمدينة ولحامليها المتسامحين.


لنعتبر من (آخر رجالات الموهيكانز) ولنعتبر من تجارب الأمم السابقة ، فالعنف لن يُنجحَ ثورة ولن يُسقط شرعية ولن يبني يمنا مدنيا حديثا ، لنتجه إن إستطعنا نحو حسم ثوري سلمي ، او نترك عنادنا ونعترف بأن الثورة قد عُقرت يوم عُقر الثور الأسود ويوم تدخل ابطال المُشترك ، ونترك للمفاوضات السياسية الطريق والمشوار ليكملوه..


ما يُهمني هو تعزٌ ومدَنيَتَها فلقد إعتراها بعضُ سوء ، ذلكم السوء هو إستخدام العُنف والسلاح والقوة وما كان ينبغي أن يُستخدم كلُ هذا في تعز المدينه العامره بالحب والثقافة والعلم والتعليم ، هي رسالةٌ موجهةٌ لكل الأطراف المعنية صغيرُها وكبيرُها ، فالمدينة الأم لم تعد تحتمل أكثر والإصرار على وئد حلمها إنما هو من قبيل الرغبة الشيطانية لإبقاء اليمن مُتخلفا بدون مشروع مدني منصف وعادل...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق