الصفحات

الأحد، 7 أغسطس 2011

الثورة المُقدسة!!


الثورة المُقدسة!!


على بُعد خطوات من المنصة ، اعني المنصة المُقدسه ، حيثُ الأنوار تتجمع لتُخبر الرب بما يحدث في أزقة الأرض وشوارعها الضيقة ، كان المساء ذلك اليوم جميلا ، إذ بدت الثورات تُرسل أخبارها كهديا ممشوقة الألوان ، أحاول أن أتذكر تلك الألوان التي هي بالتأكيد ليست كألواننا المألوفه ، غير أني ما أستطيع تذكره هو جمالها و روعةِ إنعكاسها على بعضها البعض...


دمعة فقير بسيط ، و قهر خريج متفوق ، و قطرات دماء الدكتور المسفوكه في مكان ما في احدى مستشفيات مدينة سام ، و آهات خباز (طاوة) ، و معاناة دكتور أكاديمي ، عجز أمٍ ضُرب ولدُها في الحارة لتجمع الصغار والكبار عليه ، و حسرة أم على ولدها المطعون منذ وقت قريب بالجنبية بجانب المطعم الواقع في الركن الشمالي من الحارة ، عامل النظافة المدهوس قبل ساعات بسيارة الشيخ ومرافقيه ، وجع طالب الثانوية ذي المتر والثمانين سنتيمترا الذي لم يُقبل في كلية الشرطه رغمه نجاحه في كل الإختبارات ، الأول على الدفعة في كلية الصيدلة الذي صودر حقه في التعيين كمعيد ،،


ملفات مؤرشفة كانت في الدرج التاسع عشر من الأسفل في مكتبة المظالم ، كانت هذه الملفات مرقومة و من مظهرها تبدو وكأنها شيء خاص ، شيء ليس بسيط ، و الملاحظ عليها انها لم تكن صفحاتها جديده بل كانت شبه جديده توحي بأنها تُراجع دوريا ، على الصفحة الأولى آثار عطر ماء الورد ، تتراءى آثارُه و حين فتح الملفات تنفح رائحة ليس بالإمكان وصفها الآن ، كانت كل الملفات المؤرشفة في تلك الجهة منظمه ومرتبه و نظيفة للغاية ..


لوحة مكتوبٌ فيها بحروف اللغة العربية :" وكلُ شيء أحصيناه في إمامٍ مُبين" ، كانت اللوحة هذه تُضيئ المكان ، تلمع لتُضفي نورا على كل الملفات تلك ، لا أستطيع التأكيد او النفي ، لكن هناك علاقة لا تُدرك بين اللوحة الجميلة والملفات ، أقل ما تُفسر هذه العلاقة بأنها علاقة توسية و إعلان موقف تأييد وتحفيز ، تذكرت في ذلك المُقام إبتسامة أمي عندما كنتُ اشعر بالحُزن وأبكي عندما لا أستطيع حل مسألة رياضية او فيزيائية...


فاصل كنفوشيوسي ، إذا كان الشخص لا يعرف ما هو بعيد فسيجد الحُزن في متناول يده ، انتهى الفاصل ، وبدأ التفكر في كلام هذا الحكيم ، كيف جاء الحُزن الى أعماقنا بمجرد سردنا لهذه الملفات المؤرشفة دون أن نُفكر في البعيد ، عفوا سيدي كنفوشيوس لستُ معك في  هذه ، فالحزن أوجب نفسَه حتى صار ينتحب في ساحة هولاء المظلومين ، صار يداعب الدمعات وهو يقف ذليلا في مقام المظلومين البسطاء..


لا أجد مفرا من الحُزن على كل هولاء الذين يُعانون ، دعوني للحظات أنفرد وذاتي لأبكي و أتذكر معانات هولاء البُسطاء ، تتراءى لي صور أقاربي ، أسرتي ، يا الله ما هذا !!، تأتيني صورة والدي المُبدع ، صور تتلوها صور ، وجوه لأول مرة أراها ، وما يجمعُهم كلُهم هو أنهم مظلومون، وتسلط اناسٍ فاشلين ليسوسوهم بعقلية القبيلي والعسكري والإنتهازي..


نعم قد حان الوقت ، لنذهب نحن وكنفوشيوس و الفقراء ، نمضي قوافل تتلوها قوافل ، مرتصين الصفوف كالبنيان الواحد ، لنقف في صف الثورة ، ولنؤد التحية المُقدسة للثورة المُقدسة ، إنها تحية الدفاع عن المظلومين ورفع الظلم عنهم ، نعم ندرك كما يُدرك الجميع بأنه لابد من عقبات ستتخلل ثورتنا لكن لا مناص من نجاحها ومن وصولها الى هدفها النبيل ، سيطول الوقت وسيقصر ، وستتبدل موازين القوى و تتحول ، ستُخلق أشياء جديده وستأطرأ أشياءٌ أخريات ، لكن في نهاية المطاف ستنتصر الثورة لكل المعاناة وستبدأ بفتح كُل تلك الملفات المؤرشفة ، ملفاتِ المظلومين من البسطاء من الناس...


يا ثورتي المُقدسة زيدي تزيُنا وتعتقا ، فما أراك سوى نجمة في كبد السماء عزيزة لا تؤتين بأيام معدودات ، خذي وقتك لتكوني كنور البدر في قلب الشهر ، كوني كما تُريدين وخذي من وقتك ما تشائين ، فلن نُعدم الصبر لإيماننا بك ، ولن نجزع لأننا نستمد قوتنا منك ومن مُعاناتنا اللامُبرره ، انا قومٌ صُبُرٌ لكنا هيمامنا بك وشوقنا اليك يجعلنا ان نطلب الوصل و نحاول أن نخترع آلة الزمن لكي نطوي الوقت حتى نقوى على الإنتظار..


لرمضان هيبته وللكلمات هيبتها في رحاب الثورة إذ تجتمع هيبة الوقت وهيبة الحدث وهيبة الكلمات لتجعل من الحديث عن الثورة تبتلا وأجر الحرف كأجر الدفاع عن المظلوم و إنقاذ الملهوف ، و إحقاق رسالة الله في الأرض ، ولكلٍ وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق