الصفحات

الاثنين، 15 أغسطس 2011

الثورةُ : لتُقرأ على الناس على مُكْث!!

الثورةُ : لتُقرأ على الناس على مُكْث!!

عبدالرحمن العسلي

أصبحت معاناة شبه يومية أن تُحاور أحدا من مناصري النظام السابق وخاصة أبناء المسؤولين منهم إذْ أن المهمة الصعبه هي توصيل فكرة بسيطة للغاية وهي أن : الثورة تغيير في نمط تفكير الناس. تدرجات هذه المهمة تتنقل ما بين أساليب متقدمة للإقناع ، إنتقاء ألفاظ خاصة وذات معاني مُبسطة ، كر و فر ، استشهاد بحقائق و سرد قصص من النوع القصير ، محاولات عنيده لكن في نهاية المطاف تبوء كل هذه المُحاولات ذات المجهود المبذول بالفشل الغير مُبرر...

بالمناسبة حاولت إختراع طريقة جديده في الإقناع لكن اليأس الإيجابي سيطر على كل خواطري المحاولاتيه ، و بقي أن نقتنع أن الثورة لا بُد وأن تُقرأ على الناس على مُكث ، بمعنى لا بد من المحاولات ثم أخذ الوقت لترسيخ الفكرة ، فالمحاولة فترسيخ الفكرة ، وبهذه الآلية ستُخلق ثقافة ثورية تقضي بأن الثورة أخلاق قبل أن تكون تغيير في نظام حكم فاشل ، ولعلي أجد نفسي مضطرا أن أقول أن الثورة مجموعة من الإحتياجات الإنسانية في كل الجوانب لا سيما الجانب الإجتماعي..

الثورة عندما تُقرأ على مُكث فإن ذلك يعني تبيين المُنطلقات الأخلاقية للثورة ، فالثورة هي إعادة قيمة الإنسان للإنسان بعد أن تعرض على طول فترة حكم النظام السابق بسبب عوامل التعريه الى إفلاس في مستويات عده ، وبالتالي فإن تذكير المواطنين بحقوقهم الأساسية هو الدافع الأخلاقي والإنساني للثورة ، فمن الخطأ تماما أن إعتبار الثورة مسرح يلجُ اليه الفاسدون و الفاشلون ليمهدوا مرحلة جديده من الفساد والفشل ، لكن من الصواب تماما القول بأن الثورة ضد الظلم ، وضد تسلط اي احد على عباد الله أيا كان بغض النظر عن إنتمائه الثوري او الشرعي...

الثورة جاءت للناس كلهم ، ببساطة لأنها مرتبطة بوطن ، وببساطة أكبر لأنها تنشد التغيير للأفضل ، وعليه فإن التقسيم السائد بالثوار ومناوئيهم تقسيم قاصر قد يجعل من الثورة خاصة بأناس محدودين ومن هنا ينشأ التقسيم حسب الإنتماء وهذا الذي ما فتئنا نُعاني منه ، فالثورة ليست حزبا حتى يُنتمى له ، الثورة مجموعة من القيم الإنسانية  والأخلاقية تسعى لإحلال العدل والمُساواة و إحترام الإنسان لإنسانيته...

الثورة جاءت لتدعم النقاش المنطقي في حل القضايا ، فلا عاطفة تطغى على العقل ، ولا تعصب يطغى على توازن المجتمع ، فالحلول المنطقية و تمكين ذوي القدرة والعلم للوصول الى الحل الأكثر فعالية والأقل جُهد ، الثورة جاءت لتدعم إبداع المُبدعين ولتُعطي كل ذي فضل فضله بعيدا عن الإعتبارات الأخرى مادمنا في وطن واحد ونحتكم الى قانون واحد ، إن ذلك يعني أن نتجمع حول ما نتفق عليه و نحل إختلافنا بطريقة عادلة تضمن الإنصاف للجميع لمصلحة الكل أي لمصلحة الوطن.

الثورة أصل والمنتمون اليها فرع ومن الغبن الحكم على الأصل بأخطاء وسلوكيات الفروع ، لو أن الأمور تُحسب بعقليات المُمارسات الفرعية و انقراض الأصل لما دامت فكرة سواء كانت صالحه ام فاسده على هذه الأرض ولما تطورت الأفكار الإيجابية حتى أصبحت أديانا تُتبع وفلسفات تُبين للناس الكثير ،  والأوجب هو إرجاع الأصل للأصل ومن ثم الحُكم عليه ، ممارسات التابعين تعبر عن فهم هولاء لأدبيات الأصل وعليه إنْ كانت هذه المُمارسات خاطئة فحينها يُشك في فهم هولاء التابعين لا بمنطقية و حقيقة الأصل .

أنا ثوري تعني أن أحفظ لك حقك في انتقادي في تقويم مساري لصالح الفكرة النبيلة ، تعني أنا وأنت معولا بناء لنبني دواعم هذا الوطن الذي يضمني ويضمك ، تعني حتمية الإتفاق حول القضايا المصيرية لهذا الوطن لأن الوطن انا وأنت و اهتمامتك تؤثر على اهتماماتي بالضرورة ، انا ثوري تعني اني أخذت على عاتقي السعي في الشروع بتوفير حلول لقضايا الوطن وعليه فإن مسؤولياتنا تقضي أن نتعاون جميعا لتطبيقها بطريقة لا تضر أحدا و تظلم أحدا...

الثورية لا تعني بأي حال من الأحوال أخذ الصكوك الوطنية لتوزيعها على الناس بل هي أمانة المُبادرة و الإلتزام بتطبيق الخطوات الإيجابية لبناء الوطن مع الوعي الكامل بإحتياجاته الأساسية و فقه التعامل معها بمنطقية متناهية بدون تعصب او انتقام او حب ظهور...

هناك من الحقائق الكثير ونحتاج أن نقرأها على الناس على مُكْث وبرحمة وحكمة ، نحن بحاجة الى الرحمة والحكمة أكثر من أي وقت مضى ، الرحمة والتسامح هما السبيلان الحقيقيان لتحقيق اهداف الثورة النبيلة وبغيرهما نكون قد أملنا سرابا و اتخذنا من دون الثورة وجهات ضلال لنوليَ شطرها ، والخلاصة هي الثورة لبناء الوطن ومتى ما كانت التنازلات واجبة لبناء الوطن فثم هي الثورة بل عُمقها الأخلاقي والإنساني...




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق