الصفحات

الخميس، 27 يناير 2011

ثقافات دخيله!!


بسم الله الرحمن الرحيم
ثقافات دخيله!!
كثيراً ما نسمع ونقرأ عن مصطلح الثقافه في شتى المصادر والموارد فلا يخلو خطاب أو كلام أو محادثات من مصطلح الثقافه مردوفاً لكلمات تحمل معان مختلفة. وللعلم ، خاض مصطلح الثقافه لمحاوله كثيرِ من المهتمين- وخصوصا الفلاسفه- لتعريفه وإخراجه بصيغه مفهومه يفهمها الناس ، وكتعريف متعارف بينهم، لكن في نهايه المطاف صاحبهم الفشل لإعتبارات لعل من أهمها شمول مصطلح الثقافه لكثير من الجوانب الحياتيه والفكريه التي من الصعوبه بمكان فصلها عن بعضها البعض. ومما يجدر الإشاره إليه أن كتاب "الثقافة : مراجعة نقدية للمفاهيم والتعاريف" - لمؤلفيه كروبير و أ.إل وسى كلوكهن-حوالي عام 1952 قد تضمن أكثر من 164 تعريفا لمصطلح الثقافه. إجمالاً، يمكن القول بأن أقرب التعاريف وأكثرها تداولاً في مجتمعاتنا هو مجموعه مشتركه من الأفكار ، القيم ، السلوك ، التذوق، والإتجاهات ، التي تم إكتسابها إجتماعيا لا وراثيا وتكون صبغه لعدد من الناس يشكلون مجتمعا ما. ولعل العجيب في الأمر أن كل هذه السلوكيات والتوجهات لا تُكتسب وراثيا وإنما تخضع لتفاعل الإنسان بمن يحيط به.
مما لا أشك فيه أن ثقافاتنا بشكل عام خضعت قصرا لعمليات غزو -لم يُعرف حجم دمارها ألا منذ وقت قصير- وأنها لم تكن بالصوره التي تبدو عليها حاليا من إقصاء متعمد ومنظم ومعارك أفكاريه كان أخطر نتائجها الإخلال بالتوازن الذي كان سائدا حتى وقت ليس بالبعيد وأبرز روادها المتدينون أو ما يعرفون " بالمجددون". المجددون هم قومٌ برزوا للسطح مؤثرين ومتحججين بأن الناس في فتره من الزمن وعلى حين غفله من أهلها أشركوا وابتدعوا وكان لابد تبعاٌ لذلك أن يُعادوا ألى الإسلام فإن الدين عند الله الإسلام وحتى يكون الدين كله لله  فبرزوا موجهين ومعلمين وداعين الناس الى الإسلام بعد حيادهم عن الملة حسب زعمهم. وكنتيجه لتوجهاتهم الجباره -تحت ظرف زمني ساعدهم- أصبح تفشيهم لا محدود ونشرهم للإٍسلام من جديد ليس لمجتمعاتهم فحسب بل تخطوا الحدود وعبروا القفاري ولم ليكن ذلك ليحدث لولا أن المال كان العامل الأساسي فمن لم يقتنع يُشرى بالمال وكلٌ فيها ولا مناص.
أصبح الإنسان يجد نفسه محاطا بسيل من الملاحظات والنصائح القاسيه حتى لمسائل لا يلقي لها الانسان بالاً لضيق وقته وإهتمامه بمسائل أكبر واعظم وأصبحت الحياه معقده وكأن الإنسان مراقب من أناس نصبوا أنفسهم أربابا من دون الله فكل شئ اصبح حراما أو بدعه وكل يجر الأخر حتى يصبح الإنسان خارج الدائره لمجرد انه لم يقصر ثوبه أو يستخدم معجون الأسنان " سيجنال 2" بدلاً من المسواك.
المرأه التي كرمها الله كإنسانه لها كيانها ولها إنسانيتها  لم تسلم من هذا المد الفكري الدخيل وكانت الضحيه الأولى فوجدت نفسها كائنه من عالم آخر واصبحت العقول مبرمجهً جاهزه لإطلاق الأحكام جزافا عندما تتعلق الأمور بالمرأه ولم يكن هذا موجودا من ذي قبل فالمرأه في مجتمعنا كانت ولا تزال مكرمه لها حريتها ولها إنسانيتها فلا تتعرض للتشككيك من أوساط المجتمع بل هي عنصر فعالٌ يقوم بواجباته على أكمل وجه مبدعةً ومتحملةً للمسؤوليه. أقول هذا لأني من عشاق الأرياف ولطالما رأيت المرأه بجانب الرجل يعملان كلاهما بنفس الروح ولا يشغلهما شاغل سوى الإنتاج والعمل الدؤوب وقوت عيالهما حلالاً زلالاُ . وأذكر حينها أن الأسره الكادحه كانت مقسمه أدوارها بتنسيق وإنتظام والبنين والبنات يتفاعلون بحدود معقوله لا تجلب الرذائل ولا تستجلبها ، و الإلتزام الفطري في أعلى مستوياته وكأنه يقول إن الشرف وإلالتزام العائلي فطره ربانيه منشاؤها التربيه الصالحه وغذاؤها الرقابه الذاتيه التي لا تخضع لطرف ثالث يطوي في ثناياه أنجاسا لا حصر لها.
أغاضني ما لمسته مؤخرأ من شيوع ثقافه مجتمعيه ظالمه تقضي بأن الفتاه المتزنه إذا تحدثت مع فتى لأمر عام يجعل من الفتاه منبوذه في المجتمع وخائنه له ولا اظن ذلك ألا نتاجاٌ لثقافات الدخيله التي تتذرع ب" وقرن في بيوتكن" قراراً سرمديا لا يقبل الإستئناف ،والنقاش ، محبوسه حبسا معنويا قبل أن يكون ماديا والدليل على أنها ثقافه دخيله هو عدم وجودها على الأقل قبل 20 سنه او تقل قليلا إذ لازلت أتذكر إجتماعنا على مائده واحده وكل يحترم الأخر.
إن إستمرار زحف الثقافات الدخيله هو أمر مدمر و مخل لتوازن المجتمع وسينشبُ عنه صراعُ القوى والثقافات المختلفه خوفا من الإقصاء ولعل أنجع الحلول على المدى القصير إعاده الإعتبار للثقافه والفنون والمسارح والرسائل الإبداعيه الفنيه ورفع مستوى الذوق العام لدى الناس وتفعيل إحترام الآخر وهذا لن يتم إلا بدعم الفن وأهله دعما يتناسب مع هول المصيبه والإقصاء الحاصل فنعيد للمجتمع توازنه ونكون بذلك قد قضينا على منابع الإرهاب ومروجي الفكر الإقصائي المتشدد.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق