الصفحات

السبت، 12 مارس 2011

قد يكون الغلو حلاً!!


قد يكون الغلو حلاً!!

إثر التراكمات الثقافية منذ عقود سالفات التي جاءت نتيجة تفاعلات زمنيه قُيدت - آنذاك - بتأثيرات المحيط ولنوعيه التعامل مع الظرف ، نجد الآن نتاج تلك التفاعلات بشكل واضح وجلي على كل المستويات. ورد الغلو في مختار الصحاح بمعاني عديدة وكان من ضمنها الزيادة في الحد ، أي زيادة عن الشيئ الطبيعي ، والغلو في مجمله ممقوت وغير مرغوب ، لكن قد يكون ضروريا وملزما كحل معاكس في حال انتشار الغلو في اماكن اخرى ، فلا يقاوم الغلو الا الغلو المعاكس وهذا ما سنستفيد منه في نقاشنا هذا.

شهد العقدين الأخيرين سيطرة  ثقافات وأفكار مُختزله على الساحه الثقافية الحاليه ، فما بين تشدد أصولي ، وإقصاء مزمن ، وإنتماءات عصبويه ، وتغليب مبداء التضليل والخداع ، تنافست القوى المؤثره في المجتمع وكان تبعا لذلك تبديدٌ للطاقات ، وغلو في الحكم ، وتشتت يُرى بعين الأعمى!. . قد يبدو الأمر مستفزا نوعا ما حين تُناقش في مسألة معينه وعادة ما يُربط النقاش بحواجز وعوائق لا تستوعب العقل والمنطق.

قد يكون الغلو حلا لتفكيك مثل هذه الترسبات الثقافيه ، وقد تكون المواجهه مهمه للغايه مواجهه ليس بالقوة وبالعنف ولكن بالحجة والتفنيد... هناك ترسبات مزمنه جعلت من كل أنواع الإبداع مقيد بفكر معين هو الناطق بإسم الإلاه فلا يعطي الناس حرية او تعبير عن الشعور الا بقدر ويصاحب هذا إرهابا فكريا منظما لا يدع للمرء ان يصرخ امامه من الألم.. من الغبن إنكار هذا ومن ألا مسؤولية عدم مواجهة هذه الأفكار كل بحسب موقعه...

لقد حُرمنا الإستمتاع بالإبداع لمجرد أنها لم توافق موافقة البعض ، ولمجرد أنهم لا يُجيدونها ، كم شعرنا بأوجاع المعارك الضارية لمجرد سماعنا البلبل أيوب طارش وهو يصدح قائلا " يا حب يا ضوء القلوب" ، ولكم تعرض الموقف لمزيد من الإرهاب الفكري وربطه بكل انواع الإجرام لمجرد سماعنا للمبدعه روينا صلاح وهي تشدو بـ " عاده صغير يربونه" ، ومما يظهر لي أن التأصل في ربط الأشياء بعموم العموميات هو ما جعل المتربصون يجعلون من كل شيئ خطأً لا يُغفر!!.

في مجتمعاتنا البسيطة التركيب نجد الغلو في التصنيف والتشخيص يحتل معظم العقليات لا سيما في الجانب الإجتماعي ، فهذا "مطوعي" منعزل ، وهذا مؤتمري فاسد ، وهذا إصلاحي مصلحي ، وهذا إشتراكي يساري ملحد ، وهذا ناصري يسبح في سبات تمجيد عبدالناصر ، وهذا كله يستجلب الإقصاء ومهاجمة الآخر بدلا من إيجاد نقاط مشتركة للحفاظ على قوة المجتمع الواحد ، المختلف الروؤى ، ومما لا شد فيه ان هذا جاء كنتيجة للغلو في الحكم والتشخيص.

على الجانب الفردي ، إغتيال الشخصيات يعتبر من أهم الأشياء التي يُجيدها الكثيرون ، فلن تستطيع إبدا أبداعك الا اذا نسف الآخر لكون الوصول لن يكون الا على حساب الآخر وهذا من المؤسف القول أن هذه الثقافة شملت حتى مستوى الأفراد. من المبالغة نكران هذه التصرفات على كل المستويات والإقصاء المتعمد الذي لا يستفيد منه المجتمع على حدء سواء ولا الأفراد ولا أي قوى داخل المجتمع الواحد بقد ما يورث الحقد والكراهيه وهنا نرى نتائجه بيننا على كل المستويات.

قد يكون الغلو حلاً لحل مثل هذه المشاكل العالقة ،  فعن طريق الغلو في نشر كلمات الحب ، ونشر الموسيقى المعبره ،و إعلاء رايات الفن والأغاني المتزنه التي تملك هدفا ورساله ،و قد يكون الغلو حلا من خلال دعم الإبداع كل الإبداع بغض النظر عن بعض السياجات التي فعلها الفقهاء قديما والمقلدون حديثا ومهما كانت تبريراتهم المعتمده على الارهاب الفكري والنقاش من خلال " إتق الله " و " تب الى الله" لا من خلال النقاش المبني على الحجج والبراهين.

قد يكون الغلو حلا عن طريق تعفيل نشر ثقافة المسامحة وإلتماس العذر لكل طرف والسعي الحثيث برحمة وإحترام لنشر الثقافة والأفكار الإيجابية تعميقا لفطرة تكره الإقصاء والمراقبة الإلاهيه التي يقوم بها البعض تقيما وحكما وتشخيص الناس على نواياهم ألا مرئيه. إن الغلو في ذلك يعني الوصول للتوازن الذي يحفظ للمجتمع حقه ، ويساعد على البناء والتكامل في المجتمع الواحد ، تكاملا يشارك في كل فئات المجتمع والقوى المؤثره فيه وبالتالي بناء دولة ذات اركان قويه متكامله لا تشتت فيها ولا تفكك.













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق