الصفحات

الخميس، 3 مارس 2011

الإستقالات الحزبيه والثقافه العقيمه!!


الإستقالات الحزبيه والثقافه العقيمه!!
من أبجديات القول أن الفكر يعتبر أداة من أدوات الإنسان الراقي -كمخلوق- لتنظيم حياته بما يحفظ التوازن الذي لا بد أن يقوم لديمومية الحياة وإستمرارها. والفكر مجموعة مترابطة من الأفكار المتجانسه تُنظم الخطوط العريضة لتفاعل تأثيراً وتأثراً في المجتمع المختلف القوى والرؤى ، ومما لا شك فيه أن قدرة الناس على التفاعل تختلف بإختلاف البرامج والآليات المقدمة والمطروحة لهم ولذلك يزداد المجتمع قوة وتفاعلاً ديناميكياً بكثرة وحيوية القوى الموجودة فيه.
حزب المؤتمر الشعبي العام إحدى هذه القوى المؤثرة على أرض الواقع وله برامجه ومبادؤه التي ينضوي تحتها أي منتم لهذا النوع من التنظيم وتبعاً لذلك يُقيم المنتمون له وفق مبادئه وأدبياته الرئيسة وليس العكس ، لأن العكس لا ينطبق مع الواقع ولا يحقق الحد الأدنى من الإنصاف وهذا سائر على كل التنظيمات وحتى الأديان السماويه. ولعل من أشد الأمراض الفتاكه التي تؤثر تدميرا على الفكر هو عدم الفصل بين الرجل الأول في الأحزاب ومبادئها وقواعدها التي بُنيت عليه ، فكل نجاح يحدثُ ينسب للرجل الأول وكل فشل يحدثُ ينسب الى التنظيم وأفراده وبالتالي خلق عملية من التفريغ الديموقراطي والحضاري لمنطق الأحزاب والتنظيمات أيا كانت ، وهذا ما يُعرف بــ"النكاية السياسية" التي تتخذ من تدمير الآخر طريقا لأخذ مكانه من غير إنصاف أو إحترام لقناعات الناس والطريق المشروع لذلك.
ومن المؤسف القول أن هذه المعضلة تفاقمت حتى وصلت الى مستوى الأوطان من حيث أن الوطن لا يُمثل الا بشخص واحد وكذلك كل ما يُتعلق ببناء الدولة وتطورها مرهون برغبة شخص واحد وهذا تناقض لا يُغفر إذ أنه إستغلال للنظام الديموقراطي لفرض ديكتاتورية مغلفه بغلاف ديموقراطي ، ومن وجهة نظري جاء هذا كنتيجة لإفراغ العمل الحزبي والسياسي من محتواه فلا المنضون تحت مظلة الأحزاب حاسبت ممثليها على برامجهم المطروحه ولا الممثلون طبقوا تلك البرامج فأصبحت الرؤية ضبابية في فضاء معتم!!.. وهذا بصورة أو بأخرى – مع نكران البعض- لا يتعلق بحزب المؤتمر فحسب بل إمتد الى أحزاب أخرى وتنظيمات أخرى.
وفي خضم الأحداث الأخيرة تداعى عدد من المتميين لحزب المؤتمر على تقديم إستقالاتهم الجماعية والفردية وأُعطي الأمر أكثر من حجمه -مع كامل الإحترام الكامل للحرية الشخصية في الإنتماء- لكن هذه الظاهرة تُنذر بعقم سياسي وبثقافة سياسية تكون معدومة ولابد من مناقشة هذه الظاهره لأجل بناء مجتمع ديموقراطي. ما أستطعت فهمه من بعض المستقيلين هو رفضهم الكامل لقمع المتظاهرين السلميين وبالتالي هو تأكيد لدعم الثورة الشبابيه ، وفي وجهة النظر هذه تضليل محض إذ أن عملية البلطجة لا يقوم بها حزب المؤتمر، والكل يستنكر مثل هذا الفعل الا إنساني ، وإضافة لذلك، الوقع يتطلب رحيل فخامة الأخ الرئيس ولكن بطريقة سلمية، فجميع الشعب سواء كانوا مؤتمريين أو غيره متفقين أن البلد لا بد أن يتجه نحو البناء ومتابعة الخطى نحو ترسيخ مبادئ الديموقراطية والأمن والإستقرار ، وليس الأمر مقتصر على حزب دون حزب ولا لجهة دون أخرى .
ومما يجدر الإشارة اليه أن ما حدث من فساد هو نتاج ثقافة يتحمل وزرها المجتمع في المرتبة الأولى وإلا لما وجد فساد منتشر ولا رشاوي لا حصر لها ، لو أن ثقافة التوجه نحو بناء دولة مدنية موجود لما إستطاع فرد فاسد من مسك زمام الأمور في أي مصلحة حكومية أيا كانت ، وبالتالي الفساد مشترك يحتمل نتائجه كل من شارك فيه ونتيجة لذلك لا بد أن يُستنكر ويرفض الفساد بكل الوسائل والطرق بعيدا عن التحجيم وربطها في التأطير الحزبي فالفاسد فاسد ولو كان راهبا متنسكا.
إنه لمن غير المنطقي ربط كل ما يحدث في حزب المؤتمر بشخص فخامة الأخ الرئيس وبنفس الوقت لا بد وأن يتحملوا جزء من النتائج التي وصلنا اليها ، وكذلك ليس من الإنصاف إلصاق كل مشاكل الفساد والبلطجة بحزب المؤتمر وتصويره على أنه حزب لا يؤمن ألا بمثل هذه الأفكار فهذا ظلم محض ولن يؤدي الا الى تفكك في العمل السياسي وثقافته ونشر ثقافه "النسف" لكل تنظيم لم يؤمن بما يومن البعض ، إنه وبلا شك سيؤصل لثقافه ظالمة لا تقوى على بناء وطن قوي خالي من الجوع والخوف ، ولن يمكن الديموقراطيه كبديل منصف ومهيئ لعملية البناء والإنطلاق.
إجمالاً، ربط الوطن الواحد بشخص واحد ، وربط الحزب بفرد واحد ، وربط كل شيئ بأنسان واحد هو دمار يوشك أن يقع ولا بد من دحر مثل هذه الثقافه والدفاع قدر الإمكان عن الأحزاب ومبادئها عن أخطاء بعض المنتميين لها ، على أقل تقدير في هذه الأيام حتى نؤسس لعمل ديموقراطي يحترم أطرافه بعضهم البعض وبعد ذلك إرساء مكامن المسآءله على مستوى الأفراد كلٌ تحت إطار حزبه وتنظيمه حتى لا تُستخدم الديموقراطيه لإستعباد الناس والتضليل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق