من بديع ما أنتجه موروث الأمثال العربية المثال العربي الشائع "روغي جَعارِ وانظري أينَ المفَرُّ" والذي غالبا ما يُضرب للجبان الذي لا مفر له مما يخاف ، والروغ هو الإقبال والإيتان ، وجعارِ إسم من أسماء الضبع ، والخلاصة هو أن لا مهرب ولا سبيل سوى المواجهه والتخطيط الدقيق والمتقن لكل خطوه.
على الساحة اليمنيه مشاريع تلتقي كلها حول التغيير وإسقاط نظام صالح ، تتعدد هذه المشاريع وتتمثل بقوى مختلفه ، فكريا وتنظيميا ، لكن من المؤكد أن هناك "جعارِ" أي ضبع واحد. ما يميز هذا الضبع هو مراهنته على إختلاف المشاريع وأصحابها ، وبالتالي سعى بشتى الطرق الى إختراق هذا الترابط الذي بدا وبشكل مُبهر قويا سميكا ، ومما يؤسف القول أنه الضبع بات قاب قوسين أو أدنى على إتمام مشروعه الخاص بتفكيك تلك الأواصر التي جمعت الجميع ، والمقصود بالمعارضه المشترك والشباب المعتصمين.
إتفاقيات تحت أغطيه خليجيه وبصبغات أورو-أمريكيه كانت فيما يبدو مستغلة من طرف صالح للفتك بالمشترك التي بدا متخبطا تارة يذهب لمناقشتها ، يتردد في قبولها ، يقبل البعض ويترك البعض ، لكن من المؤكد أن الشباب يختلفون هنا مع المشترك ولو من باب أنه كان ينبغي أن لا يُساوم أو أن لا يرقص مع الضبع الأكبر لاسيما مع خبراتهم الماراثويه التي خاضوها وحصلوا على درجات "بروفيسوريه" جراء رقصهم مع صالح لسنوات طويله.
صالح لا يظهر عليه أن يريد مخرجا سلسا ولكن من قراءات الأحداث يبدو أنه يراوغ لكسر ثورة الشباب وتقليصها عن طريق دحرجة كومة الثلج (المبادرات الخليجيه) ولو من باب تحوير مصطلح الثورة الى أزمه سياسية ، ولم يجد سوى المشترك ليمتطيه معلنا مهاراته بالفروسيه وتاركا مهارات الرقص الى أجل مسمى.
النجاح النسبي لصالح لاح بالأفق إثر رفض الشباب لقبول المعارضة وبالتالي يراهن كثيرا على إثارة الخلافات والسعي نحو تفكيك الشباب إعتمادا على مداعبة التعصب الحزبي لدى الشباب ، أي سيعمل على إيجاد فريقين : فريق لا يتعصبون للحزبيه يهاجمون المتحزبين ، وفريق يتعصب لقرار الأحزاب ويتهمون الشباب الغير متحزب بجر الوطن الى الإقتتال الأهلي وسفك الدماء وهذا الطرف هم يمتازون بالإنضباط التنظيمي الحزبي. لا شك أن الوسائل التي تُمكِن الرئيس من نفث السموم والنار بين الشاب ليست تلك المعقده بعد لمس وجود أرضيه خصبة لنشوب مثل هذه الخلافات والذي كان قد تأكد منه بعد الفتوى الشهيره فتوى الإختلاط التي وصل صداها لساحات التغيير في صنعاء.
لا مفر من مواجهة صالح وأساليبة لا عن طريق الإنصياع للأمر الواقع والمشاركة في مناقشة المبادرات والتذبذب في إصدار قرار نهائي بل عن طريق إشراك المعتصميين كلهم للخلوص الى موقف موحد وبالتالي يكون المشترك قد كسب الشعب ويكون الشعب كسب الجولة الأولى من مراوغات صالح والتي ترتكزعلى الإختلاف بين المشترك والشباب. الوصول الى حل وقرار نهائي يمكن تنظيمه اما عن طريق المنظمات الممثله للشباب او عن طريق تصويت سريع وديموقراطي يضم كل الشباب المعتصميين .
لا أشك ان المعركة الآن معركة تقليص او تكثير الأطراف في الساحة وبقدر تحديد عدد الأطراف تكون الغلبة ، وعليه على المشترك أن يتنازل عن "العناد" السياسي ويستشير الشباب حتى يكونوا طرف واحد ، المهمة الآن هي توحيد الجهود والروؤى وعلى كل الأطراف – الممثله للشعب- أن تتعامل بليونه مع بعضها البعض. المشترك والشباب إن أرادوا أن تنحج الثورة والحلم ببناء اليمن الحديث عليهم أن يكونوا طرفا واحدا مهما كانت الصعوبات فالوقت يمر وساعات القرار النهائي باتت تقترب بسرعة جنونيه والحفاظ على الدماء والإنتصار يُحتم عليهم جميعا التوافق حول قرار واحد هو اما القبول او عدمه.
"جعارِ" اليمن لا بد أن يواجه في هذه المرحلة بطرف واحد ولا غير هو طرف الشعب ، ولا أخفيكم أن خبراته الطويلة في المراوغة ليست بسيطة وإن نجح في إحداث صخب بين المشترك والشباب سيكون بذلك قد قطع شوطا نحو اما سفك الدماء او إفراغ الثورة الشبابية من محتواها وبالتالي ستكون قضيته معهم حول أشياء أخرى هو من يختارها حينئذ. إن صوت العقل يقول أن العناد والإستكبار سواء من الشباب او المشترك لن يكون في مصلحة القضية التي يتفق اليمنييون عليها و لا مفر إذا من رؤية الدماء تنزف -لا قدر الله- وتفريخ مشاريع أخرى في الساحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق