الصفحات

الجمعة، 6 مايو 2011

الفن ابن الحرية!!


الفن ابن الحرية!!


قد يبدو الكلام عن الحرية بمعناها التي أراده الأديب الألماني حين قال " الفن ابن الحرية" سابقا لأوانه لا سيما في مجتمع قبلي تحت غطاء ديني في اليمن. القداسة لا تزال حاجزا معيقا أمام تحقق الحرية على مستوى من التعقيد ، تعقيدها يأتي من إجتماع الثقافة القبليه والغطاء الديني المسدل والحزبية الإسلامية المسيطره. كان هذا التأطير مقبولا ومعترفا به الى قبل الثورة الحالية وصار في أثنائها محل تشكيك وأصبحت قداسة تناوله تصب في خانات أخرى لها حدودها ومضلعاتها وزواياها.


ما يفهمه الإسلاميون هو أن الحرية تخلُصٌ من نظام طال عهده وظلمه ، إسقاط نظام لم يستطيعوا تحت ظله الوصول الى الحكم مع إيمانهم بعد كفرهم بالديموقراطيه وأساليبها ، جُل ما يعتقدونه عن الحرية ضيق في ابسط ملامحه ، في توقعاتهم لنتائجها ، وفي تخيلهم لمعانيها. ما نفهمه نحن أن الحرية وسيلة لإرساء القيم، لنشر الفن ، لتشجيع المواهب ، لإتاحة الحريات الشخصيه ، لإبعاد القداسة من رجال الدين ، لتحرير العقول من التبعية لفكر معين ولأشخاص معينين ، لبناء دولة ، للنهوض بالمجتمع ، للجمال والروعة والإبتسامة .


ما دفعني للتصريح بهذا علانية هو الإستشراء المهدد بالخطر لفكر الإخوان الذي يفهمه المنتمون الجُدد بأنه الإنتماء للإسلام والدفاع عنه ، ذلك أن الليونه التي تتمتع بها الأحزاب السياسية الدينيه تجعل من تحقق الغايات الدنيويه والدينيه –بمصطلحاتهم- تجتمع لتصبح قابلة لتحقق تحت تنظيم واحد هو الآن على مشارف عهد جديد بعد الإجهاز على صالح وحزبه الحاكم. حاشا لله أن يكون- كلامي هذا- تعمدا لإقصاء أحد لكنه دفاع عن الحرية ، عن المصداقية في الديموقراطيه ، هو بصراحة دفاع عن حقوق باتت تخاف إقصائها إذا ما وصل الإخوانيون الى الحكم. لا أحد يُنكر تشددهم – الا ما رحم الله- في قضايا معروفه للكل لاسيما في ما يخص الثانويات والقضايا الترفيهيه مما يجعل مجرد التفكير بوصولهم الى تسيير حياة الناس كابوسا مفجعا أعاذكم الله منه.


 تحامل الجمع المُرَبى على الإقصاء لوجهة نظر الإعلامية منى صفوان حين انتقدت – علانية- الأخطاء المتعلقة بالنهج الأصولي المتشدد الذي ضاق به المجتمع ذرعا وعمل بشتى الصور والوسائل على تفكيك الروابط والقوانين الإلاهيه التي تنظم المجتمع وتحافظ على توازنه تفكيكا رهيبا عمل على إعادة ترتيب الفهم المؤسِس لمجتمع يحترم أطرافه ، والأطر العامة فيه. مما لا شك فيه أن سيطرة الفكر المتشدد سواء المستند على الدين او القبيلة عمِل على إنهاك مواطن القوة في المجتمع وبالتالي نشأ الإنفصام الذي نعيشه الآن على المستوى العام. 


أصبحت علاقة الرجل بالمرأه علاقة حساسة تكتنفها غيوم الظن والميول السلبي وتُفَسر هذه العلاقة تبعا لذلك ، من السهل ملاحظه هذه الثقافة المزمنه في أماكن مختلفه لعل أبرزها مواقع التواصل الأجتماعي كالماسنجر والفيس بوك وغيرها حين ترى شغف الفضول يسيطر على مرتاديه وخاصة من الطبقة الوسطى للتعرف على البنات لغرض معرفة تفكيرهن واقامة صداقات مجرده بحته.


يُحزنني القول أن هذه الثقافة جاءت نتيجة لإرهاب الثقافة التي قادها الأصوليون الدينيون والقبليون ضد المجتمع ، فمنعت المرأه من حقها كمرأه وصورت في أذهان الأوساط أنها مجرد أنثى عليها ان تظل حبيسة البيوت ، فلا خروج حتى يأذن من لا يُرجى إذنه ، وبالتالي نشأ تصور يقود الناس الى التفكير وتحجيم المرأه بصفتها الأنثويه فحسب وكان تبعا لذلك حالة الإنفصام التي يُصاب بها كلا الطرفين حين تواجد فرصه او متسع من تبادل الآراء.


لم تُخطئ الإعلامية منى صفوان في توصيفها وإعلان إبتهاجها بالنساء اللواتي خرجن الى الشوارع مطالبات بحقوقهن ، كانت لفتة منها كريمة تستوجب الشكر لا الحشد وتناقل الفاظ البذاءه وإخراجها من الملة لتناولها حقائق لا تخفى على أحد. وبصراحة ، ما يجعل أكثر المتشائمين متفائلا بالثورة هو تعريف العلاقة بين قوى المجتمع والإعتراف بمواطن القوه والسعي نحو إستغلال هذه الطاقة لبناء يمن حر جديد شامخ ، ولعلني هنا أبارك للنساء الإعتراف بحقهن وبواجبهن في المجتمع كعامل أساسي وهذا من بوادر الخير التي تُرغم كل المترددين بالتفاؤل تجاه الثورة السلمية وصف الصفوف نحو الشروع في البناء والعمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق