الصفحات

الثلاثاء، 24 مايو 2011

التحول المُفاجئ!!

التحول المُفاجئ!!


شيئ متفق عليه أن التحول المُفاجئ دائما تكون نتائجه كارثية وسلبية للغاية وإن كان هذا التحول الى شيئ ايجابي وذلك لان التغيير السريع يعتمد على انفعالات آنيه وتناسٍ للحقائق والماضي الذي هو في الأساس مكون أساسي للعقلية والكيان الذي تحول بسرعة.


التحول المُفاجئ مضرٌ لأنه مبنيٌ على العاطفة ومتى ما كانت العاطفة هي المُغذي الوحيد للتصرفات والأفكار فثمة تكمن الطامة الكُبرى والخطر المحدق فالعاطفة بدون عقل وتروٍ تهور أحمق وعجلة توصل الى ندامة ، والتحول المفاجئ كذلك خطر لأنه يستند على قاعدة حرق المراحل وتجاهل الماضي والعوامل المؤثره التي تؤثر سلبا او ايجابا على العملية برمتها ، فمن حكمة الخالق ان خلق التدرج في كل شيئ حتى في التحول من الليل الى النهار فالكون قائمٌ على نظام دقيق بديع.


التحول المُفاجئ لا يلبي حاجة ماسة خضعت لدراسة ومراحل يتبلور فيها  العامل الزمني وحجم الحاجه والأهداف المرجوه من تحقق هذا التحول والمرحلة القادمة التي ستعقب هذا التحول وبالتالي التحول المُفاجئ يُنتج في الغالب فوضى وعشوائية على مستويات عده ، أي أن لكل تحول حاجة –اي هدف- وعامل زمني ومرحلة ما بعد التحول وكل هذه العناصر مفقودة في التحول المُفاجئ.


التحول المُفاجئ كالتوبة المُفاجئه لا تلبي الشروط الأربعه وهي الإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة اليه والندم وكذلك رد المظالم ، ولكنه تخلصٌ من جُرم أقترف وأخطاءٍ أُرتكبت بطريقة سريعة قليلة الجُهد ويسيرة التكاليف ، وبالتالي الهروب من تبعات هذه الأعمال المرتكبه بطريقة سريعة مريحه ، ولذلك وإن بدا هذا التحول خيَرا وصالحا في بادئ الأمر الا أنه ليس كذلك لأن نتائجه وتبعاته ستكون أكثر تدميرا واكثر فتكا.


التحول المُفاجئ هو انتقال من مكان الى مكان أملا في المصلحة المحصوره ، فمنطقة الأعراف هي عاصمة التحول المُفاجئ والمقر الدائم وحين تتبدل القوى يتجه قاطنوا هذه المناطق للطرف الأقوى ولكن عن طريق اعلان تحولا مُفاجئا يَظهر في بادئ الأمر انه مناصرة للأهداف النبيله وتوبة صادقة ولكنه في حقيقة الأمر غير ذلك بل لهثٌ وراء مصلحة ومنفعة يُخاف انقضاؤها وفواتها.


التحول المُفاجئ يُمكن أصحابه من ممارسة إرهاب العاطفه ويبدو أصحابه وكأنهم ملائكة نزلوا من السماء ، فتتعلق بهم الآمال ، ويؤمنوا الناس بهم كمنقذين ، وتتجه اليهم البنان فخرا وزهوا ، وتُرجع اليهم المسائل العظام ، والقرارات المصيريه ، بيد أن ذلك كله لا يصب في المصلحة العامة التي وجد من أجلها التحول الحقيقي بل هو تربصٌ ماكرٌ يظهر أثرُه الفتاك بعد مرور الزمن وبعد انقضاء مفعول العاطفة .


التحول المُفاجئ يظهر أصحابُه على أنهم وطنييون في الدرجة الأولى وهم ليسوا كذلك ، على أنهم حرصيون على رفاهية الشعب وتقدمهم ولكنهم ليسوا كذلك ، على أنهم خير من يُعول عليهم وهم ليسوا كذلك ، وبناءً على ذلك يتم تجاهل الشخصيات الحقيقية التي يمكن ان تحقق أهداف التحول الحقيقي ، الشخصيات التي يمكن ان تبني وتُشيد بكفاءة متناهيه ، يمكن ان تحافظ على كل النجاحات وان تحافظ على الحقوق وان تُقسم الواجبات بشكل عادل ومتساوي.


إذاً، الثورة تحول حقيقي جاء لتلبية حاجة ماسة تبلورت اهدافها على مدى العشر السنوات الأخيره وصيغت أهدافها نتيجة لقناعة الناس الذين طالهم الفقر والجوع والوضع الإقتصادي المزري ، وجاء خروجهم نتيجة لذلك فبدت وكانها بلغت سن الرشد حين اجتمع الناس حول هدف واحد وتحت رأية واحده.


لزاماً، على الثورة وأهلها أن يأخذوا حذرهم من اصحاب التحول المُفاجئ الذين ملاؤا الساحات وبات التعاطف معهم واقعا مُعاشا وهذا بالتأكيد –كما أشرتُ- سيُكلف الثورة والناس البسطاء ثمنا باهضا علهم لن يُدركوه في اللحظة الراهنه ولكنه سيُصبح عما قريب حقيقة مُشاهده. اللهم هل بلغت اللهم فاشهد...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق