الصفحات

الخميس، 2 يونيو 2011

ولتُصنعي يا تعز على عين الثوره!


ولتُصنعي يا تعز على عين الثوره!

تعز ذات الثلاثة احرف وحوالي الأربعة ملايين مواطن متفرقين بين أكاديمي يحمل حقيبته ، وتاجر يتاجر ببضاعته ، وشاقي يحمل معوله ، وخباز طاوه ينشر أريج عطر خُبزه اطراف اليمن وضواحيها ، وبين سياسي فصيح ، ومزارع يعمل ليحصل على قوته وشيئ من المال ليصرف على ابنائه الذين أرسلهم ليتعلموا في الجامعات المنتشره في أرجاء الوطن. توزعت مراحل حياة تعز ما بين ركود عمراني وانعدام شبه تام للبنى التحتيه التي تليق بالعاصمه الثقافيه والتجاريه ، وما بين انعدام للأشياء الأساسيه للحياة كالماء ، وتفرقت تبعا لذلك المعاناه ما بين سكان البوادي الذين تجرعوا مرارة الوصول الى تعز المدينه إثر صعوبة الطريق ووعورتها ، ومابين بدائية تعز المسماه بالمدينه ، فبات الأمر أشبه بمن يتنقل بين دوائر لولبيه تضيق كلما اتجه المرء نحو المركز .

سنوات قضتها تعز على شفا هذه الضغوطات التي اثقلت كاهل الناس فانقسم الناس الى مقاوم لثقافات التجهيل بدعوى البحث عن لقمة العيش وانتشار البطاله بين حملة الشهادات العليا فعلموا اولادهم وكانوا كالقابضين على الجمر ، وفريق اتجه نحو الدفع بأبنائه نحو الأعمال الحره فتفرقوا شُعثا غُبرا في ربوع الجمهوريه عمالا وباحثي عن لقمة العيش.

بلغات التنبؤ كان كلُ شيئ يُحضر لثوره ، فضياع الحقوق ، والعنصرية المشينه التي كانت تُمارس ضدهم وخاصة في ما يتعلق بالوظائف ، وتسليط محافظين بخلفيات عفى عليها الزمن ، كل هذا صنع من أبناء تعز المقيمين والمغردين خارج السرب يخضعون لتدريبات اختبار قوة التحمل والجلد  والصبر على الشدائد ، بجانب رسوخ الايمان بضرورة الدفاع عن حقوقهم بطريقة تحمل مبادئ التساوي لكل ابناء الشعب الواحد. 

نحن الآن على اعتاب انبلاج صباح الثورة ، الشباب يتهيأون للمرحلة القادمه ، عقد الشباب عزمهم ، انطلقوا كما السهام لتُصيب أهدافها ، فتدافع الناس ملتفين حولهم في عموم الجمهورية ، شكل الثوار ساحاتهم ، تنافست في اوقات عديده وظهر الإبداع جليا ، فتميزت ساحة الحُريه في تعز وظلت كما بدأت متماسكه بعددها وعناصره وثوارها.

مرت الأيام سريعا ، للأمانة كان حرص الثوار ورقيهم وخوفهم على الوطن في اعلى مستوياته ، صمدوا شهر فشهرين فثلاثه فأربعه ، بعد كل هذه المُده تميزت ساحة الحرية بتعز بشرف التصدي لنزوات وحشيه طالت الساحه ومن فيها ، فأحرقت الخيام ، وضُرب الرصاص على الشباب العُزل ، ودامت المعركه التي هي من طرف واحد لما يزيد عن 12 ساعه كان على إثرها الإعلان رسميا عن اقتحام وفض اعتصام ساحة الحرية بتعز ، ياللأسف!!

واستطرادا ، حمل الإعتداء على ساحة الحُرية دلالات عميقة وذلك للأحداث المتزامنه مع حادث الإعتداء إذ ان الإعتداء جاء بعد هزيمة -معنويه- مُني بها الرئيس علي صالح على أتباع أولاد الشيخ الأحمر ، والأمر الآخر هو نوعية تنفيذ فض الإعتصام من حيث المُنفذين ، بشاعة التنفيذ ، وجرائم ما بعد التنفيذ.

المُنفذين تعددت انتماءاتهم وخلفياتهم الثقافية ولكن الأكيد ان من قاموا مباشره ببشاعة الإعتداء كانوا من جهلاء اللامنتمين لتعز ، أي انهم كانوا قد تعرضوا لغسيل مخ تلقوا جرعاتها من ثقافة موجوده – لا يُنكرها احد- مبنيه على عُنصرية مُقيته مرت بمراحل تأريخيه حتى خلُصت الى تصنيف يُقسم الناس الى "أصحاب مطلع" و"أصحاب منزل" و"البراغله " و"القبائل" ونما هذا المرض القتاك حتى تأصل في شغاف القلوب وكانت نتائجه الكارثية واضحه جلية لا سيما بعد فض الإعتصام واستمر متصاعدا.

وتنويها ، هذا السلوك لا يُعمم ولكن الجهل عمل بشكل كبير على تعميقة وخاصة في قلوب العسكر الذين هم بطبيعه الحال ليسوا متعلمين ولا يميلون الى القراءه وبالتالي تنشأ قناعاتهم وفقا لنظرية الحقن والذي غالبا ما يُستغل سلبيا ، والذي ظهر أثره جليا بعد  مرور سنوات من الزمن أثناء الإقتحام وبعده . 

بشاعة التنفيذ يقود الى حقيقة ان في دوافع الإقتحام أشياء مُبيته فلو كان الهدف مُجرد الإقتحام لكانت الطريقه تعتمد على اقل الخسائر قدر الإمكان لا التشفي والإسراف في القتل والبطر والرئاء المصاحب لعمليات الإقتحام. لا أخفيكم ان احد أبرز الدوافع هو صمود وبسالة الثوار وإصرارهم طوال أشهر الإعتصام والتنظيم والتنسيق الرهيب الذي اشترك فيه جميع قوى المجتمع وتكويناتها على نطاق الأسر والحارات والمناطق والعُزل والمديريات وإنتهاء بالمحافظه بأسرها، هذا كله دفع المقتحمين الى اظهار نوعا من التحدي الذي جاء عن عملية الهزيمه المعنويه التي منوا بها خلال هذه الفتره.

بشاعة ما بعد التنفيذ تتمثل في النكاية بالشباب الذي أخرجوا من ساحتهم ، ومطاردتهم في المستشفيات والشوارع والحواري والأزقه ، والأبشع هو اخراج الجرحى من المستشفيات وخطفهم واخفاء الجثث والتعذيب المعنوي المصاحب لهذه العمليات كالشتم المُقذع ، والتأنيب القاسي ، وتمادت الممارسات الشنيعه هذه الى الإعتداء على النساء في اليوم التالي وقذفهن بشتى ألفاظ العُنصريه التي لا يقبلها حُر ، ومن ثم من السهولة القول بأن الغرض من إقتحام الساحة وفض الإعتصام لم يكن مجرد دافع سياسي فقط بل ترافق مع دعوات مكبوته جاءت فقط وفقط للنكاية بهذا الشعب المسالم.

تكاتفت كل الأحداث بخبث لتصنع من تعز جريحه وعُرضه للنهش والإنتقام من البراءة بذاتها ، فغريب ان تُصبح عُرضه للإنتقام لمجرد فقط انك تسلك الصراط المستقيم ، وتُمجد مبادئ وقيم المدنيه والتحضر الإنساني ، والأعجب من ذلك التدليس على كل الحقائق بحجة او بدون حجه ظنا ان الحق يمكن ان يتوارى خلف دعاوي البهتان والتدليس والتضليل.

إن ما حدث في تعز هو تجاهل للحقائق الكونيه الراسخه كالجبال الراسيات في عمق الفطره الانسانيه ، وهو تعدٍ واضح على مرادات الله في حفظ النفس البشريه ، قداسة الدم البشري الكريم ، وفيها ايضا انتصار عقيم لقيم الغاب والوحشيه والعنف الشيطاني . ستظل تعز كما هي مبتسمة تنظر من اعالي القمم ، فلقد خلعة اللبسة اللعينه لبسة الحِلم والصمت المشين ، وستجعل بإبتسامتها الهادئه كل قوى الكون الخيريه تنتصر لتعز قضية وسكانا وثقافة ، فارتقبوا إني معكم رقيب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق