الصفحات

الخميس، 9 يونيو 2011

حلقات :إغتيــــال الهــــواء!!

السلسله القصصيه

(1)

إغتيــــال الهــــواء!!

عبدالرحمن العسلي



وجود أشياء مختلفه في الحياة لا يعني أن لكل شيئ مختلف قانونُه الخاص وعالمة الفريد ، تفاعلاتها مع بعضها البعض يُفند هذا القول ووجودها في عالم واحد يدعم هذه الفرضيه تماما.. هذا ما كان مكتوبا على الصفحة الثالثه من كتاب قديم يحكي أساطير الشيطان والنار ..


أنا: (هُسفتين) من كأس الشاي الذي كان أمامي ، همممم حسنا وما هي تلك الأساطير يا جدي؟!


الجد: يا حفيدي ترسل في طلبك ، أخاف عليك ان تكون من الجاهلين ، الأمور ليست بتلك البساطه ، إن اصريت الا أن تسمعها فأحسن من جلستك ، واتكئ على ظهرك وأحضر سمعك وبصرك وتفكيرك ، هي يا بُني قواعد كتبت في مكان ما في اللوح المحفوظ اظنه في الجانب الأقصى من الصفحة الأولى وبرموز معينه... أعذرني يا بُني فقد أكل مني الدهر وشرب وبتُ أنسى أشياء هامه كهذه...


أنا: لا بأس عليك يا جدي... لا زلت وسيما قويا كما عهدتك منذ زمن (ابتسامه عريضه)..


الجد: تُجيد المجاملة كجزء من عبقريتك يا بُني.. المهم ، الأسطوره هذه تحكي تمرد الشيطان وتحديه للرب هو وأعوانه ، بدأت القصه عندما وجدت بعض العوالم في مكان ما في هذا العالم ، كان الهدوء يسود المكان ، الأمن والأمان ، القوانين المنصفه والعادله ملتزم بها كل سكان ذلك العالم ، احترام متبادل ، وتقديس للنفس البشريه ، الأخلاق تملأ النفوس والمكونات الإجتماعيه ، الإبتسامه والتكافل ، التعاون وحسن التعامل ، كل جوامع الرُقي البشري كان متداولا بين الناس ، استمرت هذه السلوكيات والأخلاقيات وبدأت تتأصل كقوانين وكممارسات فطريه جُبل عليها الأطفال والوافدون الجدد لذلك العالم ، كثُر الخير وعم الأمن ، وإزدهرت المملكه ، ذاع صيتهم بين الممالك ، وبدأ الناس يضربون بهم المثل ، وبعد قرون وفد إليهم غريب فزوجوه وكان يتأثر بأخلاقهم ويتعامل بنفس القوانيين.


الجد: مالي اراك (نعست) هل أُكمل الحكاية يا ولدي؟!!


انا : على العكس تماما ... أنا مستمتع تماما واصل ياجدي..


الجد: رُزق هذا القادم الغريب أولادا وحفده ، من بين أحفاده كان هناك ولد يُدعى (جِعنان) وكان له طموح غير محدود وكان ذكيا في تقمص الأدوار ، بالرغم من غبائه الظاهر للعيان في العلوم والثقافات العامه ، الا انه كان يُرافق النُخبه في تلك المملكه ، كان يحمل الأوسمه لقائد تلك المملكه ، كان يجلس معه ويصاحبه ، بالمناسبه ساعد (الزنبريق) بأن يكون من حواري هذا القائد تواضع القائد الجم وسمو أخلاقه فاستغله بطريقة ذكيه لكن بالجانب السلبي.


توطنت جُذور هذا الزنبريق وبدا يُنشئ علاقات مع من تشابهت قلوبهم وتفكيرهم ، بدا يُبدي لأتباعه حزما وإغراء بنفس الوقت ، وتمسكنا وولاء للقائد ، كان يتبع نظرية الخطوط المتوازيه ، أعترف لك يا بُني كان (الزنبريق) بارعا في تطبيق هذه الإستراتجيه ، فخطط مع أصحابه المقربين الذين كانوا ينقسمون ما بين خانع وطامع فقرروا قتل القائد ، وأوهموا أحدهم أنه سيكون القائد القادم فحدث ما اتفقوا عليه وقتلوا القائد العادل الرحيم ببشاعه وروجوا دعايات لتشويه سمعة القائد الذي كان محبوبا بين الناس ولكن الناس لم يصدقوها ، المهم يا بُني مرت سنه او يزيد قليلا حتى اجتمع على القائد الجديد الذي لم يكن محبوبا على الاطلاق رفقاء الامس فأطاحوا به واستمر هذا المسلسل من التعين والقتل ، وفي هذه الأثناء تراجعت المملكة فساءت أحوال الناس ، تغيرت أخلاقهم ، ثقافاتهم ، أُستبدلت معظم الأخلاق الفاضله بنقيضها ، تكررت مشاهد الدماء والقتل والإغتيالات على مستوى قادات المملكه .


أنا: يا جدي وماذا عمل أنصار القائد الطيب عندما قتلوه ؟! لماذا لم يتحركوا ويفطنوا للفكره (قلتها مستغربا)؟!!


الجد: يا ولدي (الزنبريق) قتل قادة اتباع هذا القائد الطيب ، لم يُبقِ أحدا ، كما قلتُ لك كان بارعا في السيطره وبنى له علاقات قويه مع قادة الجيش الذين كانوا يتطلعون للحكم.


الجد: وصل (الزنبريق) للحكم فكانة الطامة ، بدا الناس يتبرمون وبدأت رحلات المعاناه ، في هذه اللحظة فقط أدرك الناس في تلك المملكه معنى أن يكونوا تحت حكم جاهل ، بدأوا يستعدوا لمراحل تقعوها تكون طويلة من المعاناة والفقر والجوع والتشرد ، نعم يا حفيدي واليوم أراهم قد صدقوا في توقعاتهم وكما ترى يا زهرة عيني.


انا : وماذا حدث بعد يا جدي ، كما أنا متشوق لمعرفة التفاصيل...


الجد: حكم الرجل ، ودمر المملكه برمتها ، اخلاق الناس ، ثقافتهم ، مؤسساتهم ، طموحهم ، مشروعهم لمواصلة بناء الدولة القويه ، دمر كل شيئ جميل ، بدأ مرحلة جديده من عسكرة المملكة ونشر الشياطين مقابل حبس الملائكه ، تمرد شيطاني شاع البلاد والعباد وبدا احلال لمبادئه الشريره في ارجاء البلاد.

الجد: نعم يا ولد خاض حروبا عريضه في المملكه ، تمزقت الأواصر الإجتماعيه ، وشرع الحرب بين ارجاء المملكه ، انتشر الجوع ، الخوف ، الجهل ، والمذله ، واستحقار الآخرين.


انا : وهل كان قويا في حروبه يا جدي؟!

الجد: نعم يا ولدي فكان يستخدم المكر والخبث للإنقضاض على الخصم ... كان يملك قوة الدولة وكان يُسخر كل موارد المملكة لتسليح جيشه وتقويته ، يا بُني لم يبنِ سوى جيشا يملكه هو ، ويخدمه هو...


انا : وماذا حدث بعد هذا يا جدي؟


الجد: مر وقت طويل والناس يعانون ، يئنون ، يجأرون ، والحاكم لا يُبالي ، أكسبه غروره والجيش الذي كان يثق به قوة لتجاهل كل دعوات العقل ، كل المشاريع لإخراج المملكه مما كانت فيها ، ظل يُكابر ويُكابر ويخوض الحروب ويُهادن .. حتى أتت لحظة كانت بمثابة شرارة النار التي تُحرق اليأس والكبت والخنوع.....


(2)


إنطلق جمع من الفتيه المتعلمين وقرروا ان يقولوا كلمة لا لهذا الحاكم ، وتواترت هذه النيه مع نيات كانت قد حدثت في بلدات مجاوره ، فتكاتفت الفكر مع بعضها لتجعل من لا نهاية الظلم والتسلط نهاية ، ومن ترامي اطراف الكبر والغرور حدودا يعرفها اربابها ، بدأت هذه المجموعة فانتشر نور ضوئها الى كل بيت ، الى كل اسره ، الى كل فطره سليمه.


تداعى المؤيدون للحاكم فقالوا وفعلوا وتجرأوا ، كانت هذه هي المراحل الأولى لتمهيد ما سيأتي في ما بعد من استرخاص النفس البشريه. بدأت الحملة التشويهيه وكان الفتيه يقابلونها بكل شجاعه نابعه من ايمانهم بحقهم ، وبحرقتهم على سلب دولتهم القائمه قبل وقت ليس بالبعيد ، وهروبهم من الكوارث التي كانت تلاحقهم من الجوع والفقر والخوف والتشرد والمرض. يا بُني كانت شجاعتهم غير معهوده ، غير متوقعه حتى من قبل الحالكم نفسه ، إندهش الجميع وباتوا يُشكلون نواة تتجمع حولها الفطرات السليمه من ذوي البشر ، فكبرت النواة وتوسعت وصارت آية من آيات الله في البلده.


تفاصيل رهيبه حدثت في هذا التجمع ، إبداع لم يكن متوقع ، وترابط جماعي يعكس الألم والقهر الذي كان أبناء البلده يعانون منه ، كل فئات المُجتمع تساندت ، تشكل بصورة ابداعية لا مثيل لها ، يجمعُهم هدف واحد ، ويشد من أزرهم تذكرهم للمعاناه وتطلعهم لمستقبل أفضل ، كانا هذان الدافعان هما المحركان لتجمع هولاء الفتيه ويحفظ عليهما ترابطهما وصبرهما وإصرارهما.


يتبع.....










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق