الصفحات

الجمعة، 24 يونيو 2011

أيها الزُكام : رفقا فإني ضعيف!!



أيها الزُكام : رفقا فإني ضعيف!!


تحية طيبة مباركة تلقيتُها من مرض "عارض" هو الزكام ، كان رفيقا حين التقاني أول مرة فعلم من ابتسامتي القروية الأرجوانيه أني رفيقٌ أتقبل هدايا الزمان كأني ملكٌ قد خَبِرَ الحياة بحلوها ومرها ، أخذت تُقبلني وكأن هجرنا كان منذ زمن بعيدِ الأمد ، هي كالأم المتلهفة لتقبيل ولدها البسيط ، وهي كعاشقةٍ طال فراقُ حبيبِها لها فرأته في ليلة قدر فأخذت تأخذ منه ما فقدته طيلة فترة من الزمن...


أيها الزكام ، قد هالني المطلع فرأيتُ بساطتك تدك محاصني لتجعلَ مني قشةً في مهبِ الريح ، كهواءٍ لا يثبتُ على حالٍ ، كغُصنِ شجرةٍ تأخذُه الريحُ أينما شاءت ، كطفلٍ مرفهٍ تستجديه الألعابُ من أولِ نظرٍه فيُصِرُ على والديه أن يشتريا له ما يُريد ، أيتها الزائرة المتواضعة أسألك الرفق فإن عينايَ قد أصبحتا خبراً بعد أثر ، أصبحتا غارقتين لا تقويانِ على النظرِ والتلويحِ بالرضى لمن أقابِلُهم ، وأصبحتْ وجنتيَ ضامرتين كقمرٍ خفتَ نوره وأخذ منه الليل فترهل وغاب غياب المؤدب بكل هدوء ووقار.


أيها الزُكام ، لقد بددتِ حريتي فأصبحت مقيدا بعالمٍ نعيمُه نوم لا يطاق ، وجداران خمسه قد مللتُ النظر اليها ، و عالم مخنوق يأكل مني بكل حرية وأستعداء ، دعيني فقد أشتقت التألق والرواح والغدو ، أشتقت للناس وابتساماتهم ، حواراتهم ، نقاشاتهم ، أشتقت – لعمركِ – أن أذهب فاجد ربيع الأرض ينتشر في الأرجاء معلنا بزوغ شمس الرحمة والتآلف ، و نسمات المحبة تنطلق بين الأًصحاب تُقبل بساطتهم وتشوقهم لعمل الخير ونشر الأفكار العذبه البنفسجيه.


أيها الزكام ، ألا قد طال نهارُك فأعياني انتظارا ، وأشتد لسعُ نارك فرسمني على فراش مرضي شبحا آلمه طول المكوث ، و تناوبت علي أعبائك حتى غدوت معشوقا من قبل مطرحي الذي ملني ومللته بعد طول مقام. ها أنا أناديك بكلمات التضرع علَها تُلامس فيك ذرة رحمة فتستجيب ، وتخالط شغاف رأفة فيكِ فينكشف ما بي ، وإن الأمل لمعقود في نواصي خيرية الأشياء ولو كانت جمادة كالزكام ، هكذا ورد في ثنايا رواية " همس الجنون"....


لن أطيل فلقد أعياني المرض فلم أعد قادر على الإطناب ، ولقد شل قدرتي على التخيل فأصبحتُ ناعس القوى مشتت الأفكار ، تأخذني أفكاري حيث يستقر ألم "السُعلة" في أحشائي ولكأنه حجيم لا يُطاق ، لن أطيل فأني منقسمَ الطاقات ، مطروحا كالجبل العظيم الذي لم يعد قادرا على حمل نفسه ولم ينفعه شموخه الآخاذ...


أناشدك الله –أيها الزكام- فهو أرحم الراحمين ، أن ترحلي عني وتتركيني أصارع آلالامي الآخرى ، و أواجه مشاغلي التي أخذت من جسمي قسطها حين لم استطعْ أن أدفع عني الدين ، هو دين لكن ليس يُدفع بقطعات النقود بل بإستهلاك ما بقي من جسدي النحيل المنهك... أسألك بالله أن ترحمي ضعفي الذي لا يحس به أحد الا خشع قلبُه ، وفاضت عيناه ، وتملكت شآبيب الرحمات ذاته وأصبح إنسانا بقلب ملائكي ، و قطعة رحمة تأسر الألباب والعقول...


وبعد هذا ، إن لم استطع القيام فهو قدرٌ لن أرفض بعضه ، وحق لن أقف أمامه موقف المتبرم الساخط ، وألم لن أقابله بمزيد من الأنات والصرخات ، بل سأجعل منه تكرماتٍ إلاهية حتى تجعل مني إنسانا حقيقا ، تصفي عني الذنوب العالقه ، وتخلصني من الأدران المتعتقه ، وتهيئ مني خيرا ماشيا على الأرض لمساندة الفقراء وقضاياهم ، سأتزود من هذا القدر حتى أغدو أكثر قوة في قول الحق ، وأكثر مكابدة للوم القوم وصلفهم ، سأبتهل الى الله إبتهال العاجز أن يجعل من ضعفي قوة ، ومن ألمي سيمفونيات تُفرح الفقراء ، ومن إنطراحي على الفراش وقفات تأمل أخلص الى ذاتي فأنقيها ، وأعرف مكنون نفسي فأقومه على التقوى وحب الناس ، وأبعث فيَ مزيدا من الطموح .


إني محتاجٌ لدعائكم ، فدعاؤكم شفاعة الى الله استشفع بها حتى أتعافى مما آلمني ، هو شهادة مغلفة بالرحمة -منكم ايها الطيبون-  فترافق دعواتي المرسلة الى الرحمان فتبدو أكثر ضراعة وأكثر إلحاحا ، بدعائكم أزين مسألتي و أجعلها لائقة أنْ تذهب الى معارج السماء مقرونة بالرجاء حتى تُقبل من المنان...


اللهم أشفني وأشفِ مرضى المسلمين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق