الصفحات

الأربعاء، 15 يونيو 2011

الزحف المقدس على صفحات الفيس بوك!!



الزحف المقدس على صفحات الفيس بوك!!


جميلٌ أن ينتقل الحراك الثقافي الى صفحات الفيس بوك ، فيتفاعل الناس ويعبرون عن آرائهم وقناعاتهم بطرق أكثر رُقي وصدق في المعاني ، والأجمل من ذلك أن يظل الناس محترمين لبعضهم البعض ، بعيدين عن الظغائن وسفاسف الأمور التي تزيد من الحقد في النفوس وتأجيج فتيل الصراع في الضمائر...


من الطبيعي جدا ان نختلف في وجهات النظر ، ومن الطبيعي جدا كذلك ان نتناقش ونتحاور بما يحفظ للكل حقه في الإنتماء في التعبير عن الرأي ، في دفاعه عن فكرته بشتى الطرق ، لكن ذلك لا يعني بتاتا أن نتعصب لفكرنا وان نحشد أقراننا لمساندة الفكره حتى يتم إغاضه الآخر ، حقا هذا ما يحدث من (معتنقي) الفكر الإيديولوجي وليس في الأمر ثمة مبالغه ...


من المحزن جدا ان الأمر بات أشبه بالتكتلات الفيسبوكيه على طريقة " الكتائب" المنظمه تنظيما دقيقا ، قد لا يجرؤ المرء ان يُشارك فكره قد تتناقض مع اتجاهات البعض فيتحول النقاش الى نقاش مارثوني وتتوالى ( الزحوفات) ، ربما  تكون منطلقة  من صميم الفكر الإيديولوجي الذي يسعى للدفاع عن الفكره والتجمهر حولها بما يشبه فكرة (كتائب انصار الفِكر) وبالتالي يجعلون الدفاع عن الفكره كنوع من انواع الجهاد المقدس الذي يؤجر فاعله ويُعد من الأعمال  العظيمه التي تُنجي صاحبها من أهوال الأمور.


قد يصعُب إيجاد تبرير منطقي لمثل هذه الممارسات البلهاء لكن أقل ما يُقال ان التعصب الأعمى والولاء الأخرق للفكره يدفع بالإنسان أن يحاول الدفاع عن فكرته وعدم السماح ولو من بعيد لأي احد ان يتناول هذه الفكره بشيئ من النقد او حتى الخوض الفكري فيها ، هو توجس من هولاء المؤلفة قلوبهم يظهر في تصرفاتهم وفي تعليقاتهم وحتى في تناولهم للقضايا...


زحوفات مقدسه تسعى الى الدفاع عن التوجه الذي يكون غالبا دينيا او حزبيا بطريقة عنيفة تعتمد على استراتيجية (الصدمه) حيث يحاول أبطال هذا الزحف إثناء من يخالفهم عن الخوض في مثل هكذا مواضيع عن طريق إلقاء اليأس وتكثيف الضغط عليه.


إننا بحاجة أن نُعيد صياغة طرقنا في الدفاع عن أفكارنا وتوجهاتنا ، وأن نثق بأن العنف لن يولد الا عنفا اكبر ، وان الرحمة والتواضع والرفق بالشيئ هو الوسيلة الناجعة لحل اي إشكال وللوصول الى نقاط مشتركه نستطيع من خلالها البناء لا الهدم ، والتكامل لا التبادل ، والتقدم لا التضعضع وراء اقوال ومشاحنات نحن في  غنى عنها في هذه المرحله.


آن الآن لعشاق الزحوفات المُقدسه ان يُدركوا ان الحوار وحده هو الكفيل بالوصول الى الحقائق المُجرده ، وأن ثقافة الحشد والضغط لن تُنتج خيرا وان بدا الأمر في بدايته غير ذلك ، عليهم ان يُدركوا ان العنف في الدفاع عن الفكره وفي الحوار شرٌ مستطير سيطال الكل ولكن بجرعات وبتوقيتات متتابعه فلن يسلم منه احد.


آن الآوان لعشاق الزحوفات المُقدسه أن يُدركوا أن الفكرة الصائبه الحقه لا تحتاج لمن يتعصب من اجلها بدعاوي التأييد والنصره فهي قوية بذاتها ، مُقنعة بنعنفوانها ، صريحه واضحة لا تحتاج الى تأويل او تبيين او تفسير ، تصل الى شغاف القلوب السليمه فتلبث هناك الى الأبد ، وتخالط العقول الصحيحه فتتطور وتؤتي أكلها على ارض الواقع ، هي كالمطر إن سقى الأرض الصالحه أخرج ثمارا طيبة مباركه ، وهي كالنور إن تبدى نفع الناس في مسيرهم وفي تحركاتهم ، وذلك نور الله يهدي به من يشاء...


آن الآوان لعشاق الزحوفات المقدسه أن يُدركوا ان المجتمع بحاجة الى ثانية تفكُر ، تعبٍ في نشر فكره ، مجهودٍ في اقناع الناس ، يحتاجون لمن يسمع لإحتياجاتهم ، لمشاركه همومهم وقضاياهم ، لمساعدتهم في حياتهم ومشروع مستقبل عيالهم ، المجتمع يحتاج لتكاتف القوى أيا كانت ، يحتاج لكل أنواع الزحوفات التي تقلل من معاناتهم ، وتضمن لهم حياة رغيدة ومستقبل مشرق لأولادهم.


حان وقت الزحف ولكن لمناقشة قضايا المجتمع والإنسان البسيط ، وحان وقت الزحف نحو تبديد معاناتهم وتذليل الصعوبات التي تعيق سعادتهم ورخاءهم ، وحان وقت الزحف الإيجابي الذي لا ينصر تعصبا لفكرة او يعبث بالجهد لصالح نقاش لا يُقدم لا يؤخر...


اللهم هل بلغت اللهم فاشهد...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق